للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ- وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ:- كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ «١»، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ «٢» مِنْ طَيْرٍ صَوَافٍّ تُحَاجَّانِ عَنْ صاحبهما. وخرج أيضا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافٍّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ". قَالَ مُعَاوِيَةُ «٣»: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ. الرَّابِعَةُ- لِلْعُلَمَاءِ فِي تَسْمِيَةِ" الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ" بِالزَّهْرَاوَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- إِنَّهُمَا النَّيِّرَتَانِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الزَّهْرِ وَالزُّهْرَةِ، فَإِمَّا لِهِدَايَتِهِمَا قَارِئَهُمَا بِمَا يُزْهِرُ لَهُ مِنْ أَنْوَارِهِمَا، أَيْ مِنْ مَعَانِيهِمَا. وَإِمَّا لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى قِرَاءَتِهِمَا مِنَ النُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. الثَّالِثُ- سُمِّيَتَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَتَا فِيمَا تَضَمَّنَهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إِنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ «٤» وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا. وَالْغَمَامُ: السَّحَابُ الْمُلْتَفُّ، وَهُوَ الْغَيَايَةُ إِذَا كَانَتْ قَرِيبًا مِنَ الرَّأْسِ، وَهِيَ الظُّلَّةُ أَيْضًا. وَالْمَعْنَى: إِنَّ قَارِئَهُمَا فِي ظِلِّ ثَوَابِهِمَا، كَمَا جَاءَ" الرَّجُلُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ" «٥» وَقَوْلُهُ:" تُحَاجَّانِ" أَيْ يَخْلُقُ اللَّهُ مَنْ يُجَادِلُ عَنْهُ بِثَوَابِهِمَا مَلَائِكَةً كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:" إِنَّ مَنْ قَرَأَ" شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْآيَةَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعِينَ مَلَكًا يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَقَوْلُهُ:" بَيْنَهُمَا شَرْقٌ قُيِّدَ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا،


(١). الشرق: الضوء. وسكون الراء فيه أشهر من فتحها.
(٢). في الأصول:" فرقان" بالفاء. والتصويب عن صحيح مسلم. والفرق: القطعة. والحزق والحزيقة: الجماعة من كل شي.
(٣). هو معاوية بن سلام أحد رجال سند هذا الحديث.
(٤). راجع ج ٢ ص ١٩٠.
(٥). كذا في نسخة: ج وهو الصحيح، وكشف الخلفاء ج، ١ ص ٤٢٤. وفى الأصول الأخرى: إن المؤمن (.)