للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا نَعَمٌ وَارِدٌ، وَيُجْمَعُ أَنْعَامًا. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَالنَّعَمُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْأَنْعَامُ الْمَوَاشِي مِنَ الْإِبِلِ والبقر والغنم، إذا قِيلَ: النَّعَمُ فَهُوَ الْإِبِلُ خَاصَّةً. وَقَالَ حَسَّانٌ:

وَكَانَتْ لَا يَزَالُ بِهَا أَنِيسٌ ... خِلَالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ

وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ:" الْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ وَالْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الشَّاةُ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ". وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَغْنِيَاءَ بِاتِّخَاذِ الْغَنَمِ، وَالْفُقَرَاءَ بِاتِّخَاذِ الدَّجَاجِ. وَقَالَ: عِنْدَ اتِّخَاذِ الْأَغْنِيَاءِ الدَّجَاجَ يَأْذَنُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَلَاكِ الْقُرَى. وَفِيهِ عَنْ أم هاني أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا:" اتَّخِذِي غَنَمًا فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً". أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْحَرْثِ) الْحَرْثُ هُنَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُحْرَثُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ، تَقُولُ: حَرَثَ الرَّجُلُ حَرْثًا إِذَا أَثَارَ الْأَرْضَ لِمَعْنَى الْفِلَاحَةِ، فَيَقَعُ اسْمُ الْحِرَاثَةِ عَلَى زَرْعِ الْحُبُوبِ وَعَلَى الْجَنَّاتِ وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَوْعِ الْفِلَاحَةِ. وَفَى الْحَدِيثِ:" احْرُثْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا". يُقَالُ حَرَثْتُ وَاحْتَرَثْتُ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ" احْرُثُوا هَذَا الْقُرْآنَ" أَيْ فَتِّشُوهُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْحَرْثُ التَّفْتِيشُ، وَفِي الْحَدِيثِ:" أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ الْحَارِثُ" لِأَنَّ الْحَارِثَ هُوَ الْكَاسِبُ، وَاحْتِرَاثُ الْمَالِ كَسْبُهُ، وَالْمِحْرَاثُ مُسْعِرُ النَّارِ وَالْحِرَاثُ مَجْرَى الْوَتَرِ فِي الْقَوْسِ، وَالْجَمْعُ أَحْرِثَةٌ، وَأَحْرَثَ الرَّجُلُ نَاقَتَهُ أَهْزَلَهَا. وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: مَا فَعَلَتْ نَوَاضِحِكُمْ «١»؟ قَالُوا: حَرَثْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنُونَ هَزَّلْنَاهَا، يُقَالُ: حَرَثْتُ الدَّابَّةَ وَأَحْرَثْتُهَا، لُغَتَانِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قال وقد رأى سكة «٢»


(١). النواضح من الإبل التي يستقى عليها، واحدها ناصح. والخطاب للأنصار: وقد قعدوا عن تلقيه لما حج، وأراد معاوية بذكر نواضجهم تقريعا لهم وتعريضا، لأنهم كانوا أهل زرع وحرث وسقى، بما أسكته، فهم يريدون بقولهم" هزلناها يوم بدر" التعريض بقتل أشياخه يوم بدر. (النهاية).
(٢). السكة (بكسر السين وتشديد الكاف المفتوحة): الحديدة التي تحرث بها الأرض.