للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّابِعَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَدْعُو، لِأَنَّهُ كَانَ أَشْرَفَ مِنْ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا كَلَامٌ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ السُّنَّةَ تُقَامُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الْجِنَازَةِ، كَمَا تُقَامُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ مَنْفَعَةٌ لَنَا. وَقِيلَ: لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِمَامٌ. وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يُقِيمُ بِهِمُ الصَّلَاةَ الْفَرِيضَةَ هُوَ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ بِهِمْ فِي الصَّلَاةِ. وَقِيلَ: صَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ أَفْذَاذًا، لِأَنَّهُ كَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ أَحَدٍ بَرَكَتَهُ مَخْصُوصًا دُونَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَابِعًا لِغَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ. قُلْتُ: قَدْ خَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بَلْ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ جِهَازِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَالًا «١» يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا النِّسَاءَ، حَتَّى إِذَا فَرَغْنَ أَدْخَلُوا الصِّبْيَانَ، وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ. خَرَّجَهُ عن نصر ابن عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي حسين ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. الْخَامِسَةُ- فِي تَغْيِيرِ الْحَالِ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أضاء منها كل شي، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ منها كل شي، وَمَا نَفَضْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيْدِيَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَخْبَرْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَتَّقِي الْكَلَامَ وَالِانْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا الْقُرْآنُ، فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمْنَا. وَأَسْنَدَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [أَنَّهَا قَالَتْ] «٢»: كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ المصلي [يصلي] «٣» لم يعد بصر


(١). أرسالا: أفواجا وفرقا متقطعة بعضهم يتلو بعضا، واحدهم رسل، بفتح الراء والسين.
(٢). زيادة عن ابن ماجة.
(٣). زيادة عن ابن ماجة.