للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللُّغَةِ: وَالتُّحْفَةُ مَا يُتْحَفُ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنَ الْفَوَاكِهِ. وَالطُّرَفُ مَحَاسِنُهُ وَمَلَاطِفُهُ، وَهَذَا مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي النُّزُلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَزِيَادَةُ الْكَبِدِ: قِطْعَةٌ مِنْهُ كَالْأُصْبُعِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ:" نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" أَيْ ثَوَابًا. وَقِيلَ رِزْقًا. (وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) أَيْ مِمَّا يَتَقَلَّبُ بِهِ الْكُفَّارُ فِي الدُّنْيَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ) الآية. قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ نَعَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: (قُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمُ النَّجَاشِيِّ)، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى عِلْجٍ مِنْ عُلُوجِ الْحَبَشَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى" وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ". قَالَ الضَّحَّاكُ: (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) الْقُرْآنُ. (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ. وفي التنزيل: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ، [القصص: ٥٤] «١». وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ- فَذَكَرَ- رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ ثُمَّ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" «٢» الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا عَامٌّ وَالنَّجَاشِيُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ، وهو بالعربية عطية. و (خاشِعِينَ) أَذِلَّةً، وَنُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمُضْمَرِ الَّذِي فِي" يُؤْمِنَّ". وَقِيلَ: مِنَ الضَّمِيرِ فِي" إِلَيْهِمْ" أَوْ فِي" إِلَيْكُمْ". وَمَا فِي الْآيَةِ بَيِّنٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) الآية. خَتَمَ تَعَالَى السُّورَةَ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ مِنَ الْوُصَاةِ الَّتِي جَمَعَتِ الظُّهُورَ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْأَعْدَاءِ وَالْفَوْزَ بِنَعِيمِ الْآخِرَةِ، فَحَضَّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَعَنِ الشَّهَوَاتِ، وَالصَّبْرُ الْحَبْسُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" بَيَانُهُ «٣». وَأَمَرَ بِالْمُصَابَرَةِ فَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُصَابَرَةُ الْأَعْدَاءِ، قَالَهُ زَيْدُ بن أسلم.


(١). راجع ج ١٣ ص ٢٩٧.
(٢). راجع ج ٢ ص ٨١.
(٣). راجع ج ٢ ص ١٧٤.