للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَكْتُوبَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ (، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ بُحَيْنَةَ «١» قَالَ: أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ، فَقَالَ:) أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا) وَهَذَا إِنْكَارٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجُلِ لِصَلَاتِهِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِنْ وَقَعَتْ فِي تِلْكَ الْحَالِ صَحَّتْ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْعَاشِرَةُ الصَّلَاةُ أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ، مَأْخُوذَةٌ مِنْ صَلَّى يُصَلِّي إِذَا دَعَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ) أَيْ فَلْيَدْعُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْمُرَادَ الصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَنْصَرِفُ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَعَلَيْهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْأَكْثَرُ. وَلَمَّا وَلَدَتْ أَسْمَاءُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، أَيْ دَعَا لَهُ. وَقَالَ تَعَالَى:" وَصَلِّ عَلَيْهِمْ" «٢» أَيِ ادْعُ لَهُمْ. وَقَالَ الْأَعْشَى:

تَقُولُ بِنْتِي وَقَدْ قَرُبْتُ مُرْتَحِلًا ... يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الْأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا

عَلَيْكَ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضِي ... نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعَا

وَقَالَ الْأَعْشَى أَيْضًا:

وَقَابَلَهَا الرِّيحُ فِي دَنِّهَا ... وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمَ

ارْتَسَمَ الرَّجُلُ: كَبَّرَ وَدَعَا، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الصَّلَا وَهُوَ عِرْقٌ فِي وَسَطِ الظَّهْرِ وَيَفْتَرِقُ عِنْدَ الْعَجْبِ فَيَكْتَنِفُهُ، وَمِنْهُ أُخِذَ الْمُصَلِّي فِي سَبَقِ الْخَيْلِ، لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي الْحَلْبَةِ وَرَأْسُهُ عِنْدَ صَلْوَى السَّابِقِ، فَاشْتُقَّتِ الصَّلَاةُ مِنْهُ، إِمَّا لِأَنَّهَا جَاءَتْ ثَانِيَةَ لِلْإِيمَانِ فَشُبِّهَتْ بِالْمُصَلِّي مِنَ الْخَيْلِ، وَإِمَّا لِأَنَّ الرَّاكِعَ تُثْنَى صَلَوَاهُ. والصلاة: مغرز الذنب من الفرس،


(١). (بحينة): أمه، وهي بنت الحارث بن عبد المطلب. وأبوه مالك بن القشب بن فضلة الأزدي.
(٢). سورة التوبة آية ١٠٣.