مَعْنَاهُ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ عَقْدِهِمَا مُخَيَّرَانِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا، إِلَّا بَيْعًا يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِيهِ: اخْتَرْ فَيَخْتَارُ، فَإِنَّ الْخِيَارَ يَنْقَطِعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ فُرِضَ خِيَارٌ فَالْمَعْنَى: إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَبْقَى الْخِيَارُ بَعْدَ التفرق بِالْأَبْدَانِ. وَتَتْمِيمُ هَذَا الْبَابِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ. وفي قول عمرو ابن شُعَيْبٍ (سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ) دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ حديثه، فسن الدَّارَقُطْنِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: شُعَيْبٌ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا؟ قَالَ: يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي. قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَبُوهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؟ قَالَ: نَعَمْ، أُرَاهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: هُوَ عَمْرُو بن شعيب بن محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَدْ صَحَّ سَمَاعُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مِنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ وَسَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. الثَّامِنَةُ- رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ الْمُسْلِمُ مَعَ النبي وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وَيُكْرَهُ لِلتَّاجِرِ أَنْ يَحْلِفَ لِأَجْلِ تَرْوِيجِ السِّلْعَةِ وَتَزْيِينِهَا، أَوْ يُصَلِّيَ على الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَرْضِ سِلْعَتِهِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ! مَا أَجْوَدَ هَذَا. وَيُسْتَحَبُّ لِلتَّاجِرِ أَلَّا تَشْغَلَهُ تِجَارَتُهُ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ تِجَارَتَهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ: (رِجالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) وَسَيَأْتِي «١». التَّاسِعَةُ- وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ يُنْكِرُ طَلَبَ الْأَقْوَاتِ بِالتِّجَارَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ الْجَهَلَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ أَكْلَهَا بِالْبَاطِلِ وَأَحَلَّهَا بِالتِّجَارَةِ، وَهَذَا بَيِّنٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ- قَرَأَ الْحَسَنُ (تُقَتِّلُوا) عَلَى التَّكْثِيرِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ النَّهْيُ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُ النَّاسِ بَعْضًا. ثُمَّ لَفْظُهَا يَتَنَاوَلُ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ بِقَصْدٍ مِنْهُ لِلْقَتْلِ فِي الْحِرْصِ عَلَى الدنيا وطلب المال
(١). راجع ج ١٢ ص ٢٦٤ [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute