للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكبائر أربعة: اليأس من روج اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالشِّرْكُ بِاللَّهِ، دَلَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: هِيَ تِسْعٌ: قَتْلُ النَّفْسِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَةِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَالْإِلْحَادُ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ. وَمِنَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ: الْقِمَارُ وَالسَّرِقَةُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَسَبُّ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَعُدُولُ الْحُكَّامِ عَنِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَسَبُّ الْإِنْسَانِ أَبَوَيْهِ- بِأَنْ يَسُبَّ رَجُلًا «١» فَيَسُبُّ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَبَوَيْهِ- وَالسَّعْيُ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا-، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ حَسْبَ مَا جَاءَ بَيَانُهَا فِي الْقُرْآنِ، وَفِي أَحَادِيثَ خَرَّجَهَا الْأَئِمَّةُ، وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْهَا جُمْلَةً وَافِرَةً. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَعْدَادِهَا وَحَصْرِهَا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِيهَا، وَالَّذِي أَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَتْ فِيهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ وَحِسَانٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الْحَصْرُ، وَلَكِنَّ بَعْضَهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَكْثُرُ ضَرَرُهُ، فَالشِّرْكُ أَكْبَرُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُغْفَرُ لِنَصِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَبَعْدَهُ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْقُرْآنِ، إِذْ يَقُولُ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ «٢») وَهُوَ يَقُولُ: لَا يُغْفَرُ لَهُ، فَقَدْ حَجَرَ وَاسِعًا. هَذَا إِذَا كَانَ مُعْتَقِدًا لِذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ «٣»). وَبَعْدَهُ الْقُنُوطُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: [وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ «٤» [. وَبَعْدَهُ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ فَيَسْتَرْسِلُ فِي الْمَعَاصِي وَيَتَّكِلُ عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «٥»). وَقَالَ تَعَالَى: (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «٦»). وَبَعْدَهُ الْقَتْلُ، لِأَنَّ فِيهِ إِذْهَابَ النُّفُوسِ وَإِعْدَامَ الْوُجُودِ، وَاللِّوَاطُ فِيهِ قَطْعُ النَّسْلِ، وَالزِّنَى فِيهِ اخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ بِالْمِيَاهِ وَالْخَمْرُ فِيهِ ذَهَابُ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ، وَتَرْكُ الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ فِيهِ تَرْكُ إِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ فِيهَا اسْتِبَاحَةُ الدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ بَيِّنُ الضَّرَرِ، فَكُلُّ ذَنْبٍ عَظَّمَ الشَّرْعُ التوعد عليه


(١). كذا في الأصول. وتحقيقه: أن يسب أبوي رجل. كما في الحديث والبحر.
(٢). راجع ج ٧ ص ٢٩٦ وص ٢٥٤.
(٣). راجع ج ٩ ص ٢٥١.
(٤). راجع ج ١٠ ص ٣٦.
(٥). راجع ج ٧ ص ٢٩٦ وص ٢٥٤.
(٦). راجع ج ١٥ ص ٣٥٣