الْقِصَاصَ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَى أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَمَانِينَ). وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الملكة «١»). وقال عليه السلام: (سوء الخلق شوم وَحُسْنُ الْمَلَكَةِ نَمَاءٌ وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ وَالصَّدَقَةُ تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ). السَّادِسَةُ عَشْرَةَ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْحُرُّ أَوِ الْعَبْدُ، فَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ) وَالَّذِي نفس أبي هريرة بيد لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ). فَاسْتُدِلَّ بِهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ فَضْلِ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: مُطَالَبٌ بِعِبَادَةِ اللَّهِ، مُطَالَبٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَامِرِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ. اسْتَدَلَّ مَنْ فَضَّلَ الْحُرَّ بِأَنْ قَالَ: الِاسْتِقْلَالُ بِأُمُورِ الدِّينِ والدنيا وإنما يَحْصُلُ بِالْأَحْرَارِ وَالْعَبْدُ كَالْمَفْقُودِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، وَكَالْآلَةِ الْمُصَرَّفَةِ بِالْقَهْرِ، وَكَالْبَهِيمَةِ الْمُسَخَّرَةِ بِالْجَبْرِ، وَلِذَلِكَ سُلِبَ مَنَاصِبَ الشَّهَادَاتِ وَمُعْظَمَ الْوِلَايَاتِ، وَنَقَصَتْ حُدُودُهُ عَنْ حُدُودِ الْأَحْرَارِ إِشْعَارًا بِخِسَّةِ الْمِقْدَارِ، وَالْحُرُّ وَإِنْ طُولِبَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَوَظَائِفُهُ فِيهَا أَكْثَرُ، وَعَنَاؤُهُ أَعْظَمُ فَثَوَابُهُ أَكْثَرُ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ: لَوْلَا الْجِهَادُ وَالْحَجُّ، أَيْ لَوْلَا النَّقْصُ الَّذِي يَلْحَقُ الْعَبْدَ لِفَوْتِ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّابِعَةُ عَشْرَةَ- رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالنِّسَاءِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُحَرِّمُ طَلَاقَهُنَّ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالْمَمَالِيكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لَهُمْ مُدَّةً إِذَا انْتَهَوْا إِلَيْهَا عُتِقُوا، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أن يحفي فمي- وروي حتى كاد-
(١). أي الذي يسئ صحبة المماليك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute