للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُمَرَ، لِأَنَّ الْجَالِسَ لَا يَكَادُ يَسْتَثْقِلُ، فَهُوَ فِي مَعْنَى النَّوْمِ الْخَفِيفِ. وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَمَنْ وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ). وَأَمَّا الْخَارِجُ، فَلَنَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ «١» حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. فَهَذَا خَارِجٌ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَادِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ انْقَطَعَ فَهُوَ مَرَضٌ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ عِنْدَنَا إِيجَابًا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا. وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا. وَيُرَدُّ عَلَى الْحَنَفِيِّ حَيْثُ رَاعَى الْخَارِجَ النَّجِسَ. فصح ووضح مذهب مالك ابن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا تَرَدَّدَ نَفَسٌ، وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ (لامَسْتُمُ). وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: (لَمَسْتُمْ) وَفِي مَعْنَاهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- أَنْ يَكُونَ لَمَسْتُمْ جَامَعْتُمْ. الثَّانِي- لَمَسْتُمْ بَاشَرْتُمْ. الثَّالِثُ- يَجْمَعُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. وَ (لامَسْتُمُ) بِمَعْنَاهُ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ، إِلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: الْأَوْلَى فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ (لامَسْتُمُ) بِمَعْنَى قَبَّلْتُمْ أَوْ نَظِيرُهُ، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِعْلًا. قَالَ: وَ (لَمَسْتُمْ) بِمَعْنَى غَشَيْتُمْ وَمَسِسْتُمْ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ فِي هَذَا فِعْلٌ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْآيَةِ عَلَى مَذَاهِبَ خَمْسَةٍ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمُلَامَسَةُ هُنَا مُخْتَصَّةٌ بِالْيَدِ، وَالْجُنُبُ لَا ذِكْرَ لَهُ إِلَّا مَعَ الْمَاءِ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى) الْآيَةَ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى التَّيَمُّمِ، وَإِنَّمَا يَغْتَسِلُ الْجُنُبُ أَوْ يَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ أبو عمر: ولم يقل بقول عمرو عبد اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَحَمَلَةِ الْآثَارِ، وَذَلِكَ والله أعلم لحديث عمار وعمر ان ابن حُصَيْنٍ وَحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَكْسَ هَذَا الْقَوْلِ، فَقَالَ: الْمُلَامَسَةُ هُنَا مُخْتَصَّةٌ بِاللَّمْسِ الَّذِي هُوَ الْجِمَاعُ. فَالْجُنُبُ يتيمم واللامس


(١). من ج.