للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّامِنَةُ وَالسُّنَّةُ فِي السَّلَامِ وَالْجَوَابِ الْجَهْرُ، وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ بِالْإِصْبَعِ وَالْكَفِّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَنَا تَكْفِي إِذَا كَانَ عَلَى بُعْدٍ، رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ لِأَنَّهُ ذَكَّرَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَأَطْيَبُ. وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَوْمِ كَانَ لَهُ فَضْلُ دَرَجَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَلَعَنَتْهُمْ. فَإِذَا رَدَّ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أَسْمَعَ جَوَابَهُ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْمِعِ الْمُسَلِّمَ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسَلِّمَ إِذَا سَلَّمَ بِسَلَامٍ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ سَلَامًا، فَكَذَلِكَ إِذَا أَجَابَ بِجَوَابٍ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ فَلَيْسَ بِجَوَابٍ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا سَلَّمْتُمْ فَأَسْمِعُوا وَإِذَا رَدَدْتُمْ فَأَسْمِعُوا وَإِذَا قَعَدْتُمْ فَاقْعُدُوا بِالْأَمَانَةِ وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ حَدِيثَ بَعْضٍ). قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أُسَايِرُ رَجُلًا مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَكَرِيَّا فَحَبَسَتْنِي دَابَّتِي تَبُولُ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَا تُسَلِّمُ؟ فَقُلْتُ: إِنَّمَا كُنْتُ مَعَكَ آنِفًا، فَقَالَ: وَإِنْ «١» صَحَّ، لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَسَايَرُونَ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمُ الشَّجَرُ فَإِذَا الْتَقَوْا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. التَّاسِعَةُ- وَأَمَّا الْكَافِرُ فَحُكْمُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: وَعَلَيْكُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ: (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ) فَإِذَا كَانَتْ مِنْ مُؤْمِنٍ (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ فَرُدُّوا عَلَى مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: (وَعَلَيْكُمْ). وَقَالَ عَطَاءٌ: الْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً، وَمَنْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِمْ قِيلَ لَهُ: عَلَيْكَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: فَقَدْ جَاءَ إِثْبَاتُ الْوَاوِ وَإِسْقَاطُهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (عَلَيْكَ) بِغَيْرِ وَاوٍ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْوَاضِحَةُ الْمَعْنَى، وَأَمَّا مَعَ إِثْبَاتِ الْوَاوِ فَفِيهَا إِشْكَالٌ، لِأَنَّ الْوَاوَ الْعَاطِفَةَ تَقْتَضِي التَّشْرِيكَ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِيمَا دَعَوْا بِهِ عَلَيْنَا مِنَ الْمَوْتِ أَوْ مِنْ سَآمَةِ دِينِنَا، فَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ


(١). سقط من ج: ان صح، وثبت في ط. وفى أو ز وى: وان. وسقط: صح.