للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَنْ مَسَحَ ظُهُورَ خُفَّيْهِ دُونَ بُطُونِهِمَا: إِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَمَنْ مَسَحَ عَلَى بَاطِنِ الْخُفَّيْنِ دُونَ ظَاهِرِهِمَا لَمْ يُجْزِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ جَمِيعُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِلَّا شي رُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ: بَاطِنُ الْخُفَّيْنِ وَظَاهِرُهُمَا سَوَاءٌ، وَمَنْ مَسَحَ بَاطِنَهُمَا دُونَ ظَاهِرِهِمَا لَمْ يُعِدْ إِلَّا فِي الْوَقْتِ. وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُجْزِئُهُ مَسْحُ بُطُونِهِمَا دُونَ ظُهُورِهِمَا، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ مَنْ مَسَحَ بُطُونَهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لَمْ يُجْزِهِ وَلَيْسَ بِمَاسِحٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: يَمْسَحُ ظَاهِرَيِ الْخُفَّيْنِ دُونَ بَاطِنِهِمَا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا مَسْحُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ شِهَابٍ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رُوِيَ أَنَّ ثَوْرًا لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَزَعَ خُفَّيْهِ وَقَدْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ- يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ مَكَانَهُ وَإِنْ أَخَّرَ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ، قَالَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ، وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَكَانَهُ. الثَّانِي- يَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ، قَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَرُوِيَ عن الأوزاعي والنخعي. الثالث- ليس عليه شي وَيُصَلِّي كَمَا هُوَ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) وَقَدْ مَضَى فِي" النِّسَاءِ" «١» مَعْنَى الْجُنُبِ. وَ" اطَّهَّرُوا" أَمْرٌ بِالِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ، وَلِذَلِكَ رَأَى عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَتَيَمَّمُ الْبَتَّةَ بَلْ يَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ النَّاسِ: بَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ هِيَ لِوَاجِدِ الْمَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ الْجُنُبُ بَعْدُ فِي أحكام عادم الماء بقوله:" أو لامستم


(١). راجع ج ٥ ص ٢٠٤.