للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكُومَةٌ. قَالَ مَالِكٌ: الَّذِي فِيهِ الدِّيَةُ مِنَ الْأَنْفِ أَنْ يُقْطَعَ الْمَارِنُ، وَهُوَ دُونَ الْعَظْمِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَوَاءٌ قُطِعَ الْمَارِنُ مِنَ الْعَظْمِ أَوِ اسْتُؤْصِلَ الْأَنْفُ مِنَ الْعَظْمِ مِنْ تَحْتِ الْعَيْنَيْنِ إِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ، كَالْحَشَفَةِ فِيهَا الدِّيَةُ: وَفِي اسْتِئْصَالِ الذَّكَرِ الدِّيَةُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا خُرِمَ الْأَنْفُ أَوْ كُسِرَ فَبَرِئَ عَلَى عَثْمٍ «١» فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَلَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ. وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عثم فلا شي فِيهِ. قَالَ: وَلَيْسَ الْأَنْفُ إِذَا خُرِمَ فَبَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ كَالْمُوضِحَةِ «٢» تَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَتُهَا، لِأَنَّ تِلْكَ جَاءَتْ بِهَا السُّنَّةُ، وَلَيْسَ فِي خَرْمِ الْأَنْفِ أَثَرٌ. قَالَ: وَالْأَنْفُ عَظْمٌ مُنْفَرِدٌ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ. وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا عَلَى أَنْ لَا جَائِفَةَ فِيهِ، وَلَا جَائِفَةَ عِنْدَهُمْ إِلَّا فِيمَا كَانَ فِي الْجَوْفِ،. وَالْمَارِنُ مَا لَانَ مِنَ الْأَنْفِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَظُنُّ رَوْثَتَهُ مَارِنَهُ، وَأَرْنَبَتَهُ طَرَفَهُ. وَقَدْ قِيلَ: الْأَرْنَبَةُ وَالرَّوْثَةُ وَالْعَرْتَمَةُ طَرَفُ الْأَنْفِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ، فِي الشَّمِّ إِذَا نَقَصَ أَوْ فُقِدَ حُكُومَةٌ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ) قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الَّذِي يَقْطَعُ أُذُنَيْ رَجُلٍ: عَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ، وَيُقَاسُ فِي نُقْصَانِهِ كَمَا يُقَاسُ فِي الْبَصَرِ. وَفِي إِبْطَالِهِ مِنْ إِحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ إِلَّا بِهَا، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ كَانَ السَّمْعُ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ قِيلَ إِنَّ أَحَدَ السَّمْعَيْنِ يَسْمَعُ مَا يَسْمَعُ السَّمْعَانِ فَهُوَ عِنْدِي كَالْبَصَرِ، وَإِذَا شُكَّ فِي السَّمْعِ جُرِّبَ بِأَنْ يُصَاحَ بِهِ مِنْ مَوَاضِعَ عِدَّةٍ، يُقَاسُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَسَاوَتْ أَوْ تَقَارَبَتْ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ سَمْعِهِ وَيُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ أَشْهَبُ: وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَمْعٍ وَسَطٍ من الرجل مِثْلَهُ، فَإِنِ اخْتُبِرَ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ له شي. وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: إِذَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ عقل له الأقل مع يمينه.


(١). العثم، الجبر على غير استواء.
(٢). الموضحة: هي التي بلغت العظم فأوضحت عنه. وقيل: هي التي تقشر الجلدة التي بين اللحم والعظم أو تشقها حتى تبدو وضح العظم.