للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ تَضْعِيفُ مُوضِحَةِ الْوَجْهِ عَلَى مُوضِحَةِ الرَّأْسِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُوضِحَةُ الْوَجْهِ أَحْرَى أَنْ يُزَادَ فِيهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْمُوضِحَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَلَا تَكُونُ الْمَأْمُومَةُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ خَاصَّةً إِذَا وَصَلَ إِلَى الدِّمَاغِ، قَالَ: وَالْمُوضِحَةُ مَا تَكُونُ فِي جُمْجُمَةِ الرَّأْسِ، وَمَا دُونَهَا فَهُوَ مِنَ الْعُنُقِ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَنْفُ لَيْسَ مِنَ الرَّأْسِ وَلَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ، وَكَذَلِكَ اللَّحْيُ الْأَسْفَلُ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُوضِحَةِ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، فَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ وَمُنَقِّلَتِهِ وَمَأْمُومَتِهِ إِلَّا الِاجْتِهَادُ، وَلَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مَعْلُومٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَبِهِ نَقُولُ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ الْمُوضِحَةَ إِذَا كَانَتْ فِي جَسَدِ الْإِنْسَانِ فِيهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا أَنَّ مَنْ شَجَّ رَجُلًا مَأْمُومَتَيْنِ أَوْ مُوضِحَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَأْمُومَاتٍ أَوْ مُوضِحَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ- وَإِنِ انْخَرَقَتْ فَصَارَتْ وَاحِدَةً- دِيَةً كَامِلَةً. وَأَمَّا الْهَاشِمَةُ فَلَا دِيَةَ فِيهَا عِنْدَنَا بَلْ حُكُومَةً. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَمْ أَجِدْ فِي كُتُبِ الْمَدَنِيِّينَ ذِكْرَ الْهَاشِمَةِ، بَلْ قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ كَسَرَ أَنْفَ رَجُلٍ إِنْ كَانَ خَطَأً فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا يُوَقِّتُ فِي الْهَاشِمَةِ شَيْئًا. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: النَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا، إِذْ لَا سُنَّةَ فِيهَا وَلَا إِجْمَاعَ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ، فَإِنْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ صَارَتْ مَأْمُومَةً فَثُلُثُ الدِّيَةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَوَجَدْنَا أَكْثَرَ مَنْ لَقِينَاهُ وَبَلَغَنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَجْعَلُونَ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: فِيهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَمُرَادُهُمْ عُشْرُ الدِّيَةِ. وَأَمَّا الْمُنَقِّلَةُ فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: جَاءَ؟ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (فِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ) وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَالَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ الَّتِي تُنْقَلُ