فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِنْ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، فَسَأَلَتْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَأُمَّ سَلَمَةَ فَكُلُّهُمْ قَالَ لَهَا: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَكُونِي مِثْلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ؟ وَأَمَرُوهَا أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهَا وَتُخَلِّيَ بَيْنَهُمَا. وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنْهُ قَالَ: قَالَتْ مَوْلَاتِي لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ يَوْمًا يَهُودِيَّةٌ وَيَوْمًا نَصْرَانِيَّةٌ وَيَوْمًا مَجُوسِيَّةٌ إِنْ لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ: إِنَّ مَوْلَاتِي تُرِيدُ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي، فَقَالَتِ انْطَلِقْ إِلَى مَوْلَاتِكَ فَقُلْ لَهَا: إِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ لَكِ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا، قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ فَجَاءَ حَتَّى انْتَهَى إلى الباب فقال: ها هنا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، فَقَالَتْ: إِنِّي جَعَلْتُ كُلَّ مَالٍ لِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ. قَالَ: فَمِمَّ تَأْكُلِينَ؟ قَالَتْ: وَقُلْتُ أَنَا يَوْمًا يَهُودِيَّةٌ وَيَوْمًا نَصْرَانِيَّةٌ وَيَوْمًا مَجُوسِيَّةٌ، فَقَالَ: إِنْ تَهَوَّدْتِ قُتِلْتِ وَإِنْ تَنَصَّرْتِ قُتِلْتِ وَإِنْ تَمَجَّسْتِ قُتِلْتِ، قَالَتْ: فَمَا تأمرني؟ قال: تكفري عَنْ يَمِينِكِ، وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ فَتَاكِ وَفَتَاتِكِ. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ إِذَا قَالَ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنَّهَا يَمِينٌ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا قَالَ أُقْسِمُ أو أشهد ليكون كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ أَيْمَانًا عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا أَرَادَ بِاللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِاللَّهِ لَمْ تَكُنْ أَيْمَانًا تُكَفَّرُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ: هِيَ أَيْمَانٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَكُونُ أَيْمَانًا حَتَّى يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، هَذِهِ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ الرَّبِيعُ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ- إِذَا قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ، فَإِنْ أَرَادَ سُؤَالَهُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ كَانَ ما ذكرناه آنفا. الخامشة عَشْرَةَ- مَنْ حَلَفَ بِمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا لَيْسَ بِصِفَةٍ كَقَوْلِهِ: وَخَلْقِ اللَّهِ ورزقه وبيته لا شي عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَحَلِفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. السَّادِسَةَ عَشْرَةَ- إِذَا انْعَقَدَتِ الْيَمِينُ حَلَّتْهَا الْكَفَّارَةُ أَوِ الِاسْتِثْنَاءُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الِاسْتِثْنَاءُ بَدَلٌ عَنِ الْكَفَّارَةِ وَلَيْسَتْ حَلًّا لِلْيَمِينِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ حَلٌّ لِلْيَمِينِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهُوَ مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا مَنْطُوقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute