للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ لَهُمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَلَالًا، حَكَى عَنْهُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ تُفْدَى الْقَمْلَةُ وَهِيَ تُؤْذِي وَلَا تُؤْكَلُ؟ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ تُفْدَى إِلَّا عَلَى مَا يُفْدَى بِهِ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ وَلُبْسُ مَا لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ، لِأَنَّ فِي طَرْحِ الْقَمْلَةِ إِمَاطَةَ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ إِذَا كَانَتْ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، فَكَأَنَّهُ أَمَاطَ بَعْضَ شَعْرِهِ، فَأَمَّا إِذَا ظَهَرَتْ فَقُتِلَتْ فَإِنَّهَا لَا تُؤْذِي. وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي هَذَا الْبَابِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ. السَّابِعَةُ- رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ). اللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَفِي كِتَابِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:] خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحُدَيَّا [. وَبِهِ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: لَا يُقْتَلُ مِنَ الْغِرْبَانِ إِلَّا الْأَبْقَعُ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ مُطْلَقٌ. وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ [. وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ: وَالسَّبُعُ الْعَادِي، وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى الْعِلَّةِ. الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) عَامٌّ فِي النَّوْعَيْنِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ، يُقَالُ: رَجُلٌ حَرَامٌ وَامْرَأَةٌ حَرَامٌ، وَجَمْعُ ذَلِكَ حُرُمٌ، كَقَوْلِهِمْ: قَذَالٌ وَقُذُلٌ. وَأَحْرَمَ الرَّجُلُ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ، كَمَا يُقَالُ: أَسْهَلَ دَخَلَ فِي السَّهْلِ. وَهَذَا اللَّفْظُ يَتَنَاوَلُ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ وَحَالَةُ الْإِحْرَامِ بِالِاشْتِرَاكِ لَا بِالْعُمُومِ. يُقَالُ: رَجُلٌ حَرَامٌ إِذَا دَخَلَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَوْ فِي الْحَرَمِ، أَوْ تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ، إِلَّا أَنَّ تَحْرِيمَ الزَّمَانِ خَرَجَ بِالْإِجْمَاعِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا، وَبَقِيَ تَحْرِيمُ الْمَكَانِ وَحَالَةُ الْإِحْرَامِ عَلَى أَصْلِ التَّكْلِيفِ، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. التَّاسِعَةُ- حَرَمُ الْمَكَانِ حَرَمَانِ، حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَحَرَمُ مَكَّةَ- وَزَادَ الشَّافِعِيُّ الطَّائِفَ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ قَطْعُ شَجَرِهِ، وَلَا صَيْدُ صَيْدِهِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَأَمَّا حَرَمُ