للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي حَدِيثِهِ: عَجُزَ حِمَارٍ وَحْشٍ فَرَدَّهُ يَقْطُرُ دَمًا كَأَنَّهُ صِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَالَ مِقْسَمٌ فِي حَدِيثِهِ رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ فِي حَدِيثِهِ: أَهْدَى لَهُ عَضُدَ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ: [إِنَّا حُرُمٌ]. وَقَالَ طَاوُسٌ فِي حَدِيثِهِ: عَضُدًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ، حَدَّثَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ «١»، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ أَكْلُهُ جَائِزًا، قَالَ سُلَيْمَانُ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: فَرَدَّهُ يَقْطُرُ دَمًا كَأَنَّهُ صِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: إِنَّمَا تَأَوَّلَ سُلَيْمَانُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ، فَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيلِ، لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ صَيْدًا حَيًّا وَلَا يُذَكِّيَهُ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَعَلَى تَأْوِيلِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ تَكُونُ الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ كُلُّهَا غَيْرَ مُخْتَلَفَةٍ [فِيهَا] «٢» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّامِنَةُ- إِذَا أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ أَوْ فِي بَيْتِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، [وروي «٣»] عن مجاهد وعبد الله بن الحرث مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ ضَمِنَ. وَجْهُ الْقَوْلِ بِإِرْسَالِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً" وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ كُلِّهِ. وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِإِمْسَاكِهِ: أَنَّهُ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ مِنِ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدَامَةِ مِلْكِهِ، أَصْلُهُ النِّكَاحُ. التَّاسِعَةُ- فَإِنْ صَادَهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ ذَبْحِهِ، وَأَكْلِ لَحْمِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ. وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ مَعْنًى يُفْعَلُ فِي الصَّيْدِ فَجَازَ فِي الْحَرَمِ لِلْحَلَالِ، كَالْإِمْسَاكِ وَالشِّرَاءِ وَلَا خلاف فيها.


(١). هذه النسبة إلى مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أصله منها ونزل على البصرة. (الأنساب).
(٢). من ى.
(٣). من ع.