للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرْفٌ بَدَلًا مِنْ حَرْفٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّفْسِيرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: مِنَ الذِينَ اسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّةُ. وَ" الْأَوْلَيانِ" بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَآخَرانِ قَالَهُ ابْنُ السَّرِيِّ، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ وَهُوَ بَدَلُ الْمَعْرِفَةِ مِنَ النَّكِرَةِ وَإِبْدَالُ الْمَعْرِفَةِ مِنَ النَّكِرَةِ جَائِزٌ. وَقِيلَ: النَّكِرَةُ إِذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا ثُمَّ أُعِيدَ ذِكْرُهَا صَارَتْ مَعْرِفَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ" «١»] النور: ٣٥] ثم قال:" الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ"] النور: ٣٥] ثم قال:" الزُّجاجَةُ"] النور: ٣٥]. وَقِيلَ: وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي" يَقُومانِ" كَأَنَّهُ قَالَ: فَيَقُومُ الْأَوْلَيَانِ أَوْ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ، التَّقْدِيرُ: فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا هُمَا الْأَوْلَيَانِ. وَقَالَ ابْنُ عِيسَى:" الْأَوْلَيانِ" مَفْعُولُ" اسْتَحَقَّ" عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيِ اسْتُحِقَّ فِيهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ إِثْمُ الْأَوْلَيَيْنِ فَعَلَيْهِمْ بِمَعْنَى فِيهِمْ مِثْلُ" عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ" «٢»] البقرة: ١٠٢] أَيْ فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

مَتَى مَا تُنْكِرُوهَا تَعْرِفُوهَا ... عَلَى أَقْطَارِهَا عَلَقٌ نَفِيثُ «٣»

أَيْ فِي أَقْطَارِهَا. وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ" الْأَوَّلِينَ" جَمْعُ أَوَّلٍ عَلَى أَنَّهُ بدل مِنَ" الَّذِينَ" أَوْ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي" عَلَيْهِمُ" وَقَرَأَ حَفْصٌ:" اسْتَحَقَّ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ، وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَفَاعِلُهُ" الْأَوْلَيانِ" وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مِنَ الذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ وَصِيَّتَهُ الَّتِي أَوْصَى بِهَا. وَقِيلَ: اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ رَدَّ الْأَيْمَانِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ:" الْأَوَّلَانِ" وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ:" الْأَوَّلَيْنِ" «٤» قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْقِرَاءَتَانِ لَحْنٌ، لَا يُقَالُ فِي مُثَنَّى، مُثَنَّانِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ" الْأَوَّلَانِ". الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ) " أَيْ يَحْلِفَانِ الْآخَرَانِ اللَّذَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ (أَنَّ الَّذِي قَالَ صَاحِبُنَا فِي وَصِيَّتِهِ حَقٌّ، وَأَنَّ الْمَالَ الَّذِي وَصَّى بِهِ إِلَيْكُمَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَتَيْتُمَانَا بِهِ وَأَنَّ هَذَا الْإِنَاءَ لَمِنْ مَتَاعِ صَاحِبِنَا الَّذِي خَرَجَ بِهِ مَعَهُ وَكَتَبَهُ فِي وَصِيَّتِهِ، وَأَنَّكُمَا خُنْتُمَا) فَذَلِكَ قَوْلُهُ: (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أَيْ يَمِينُنَا أَحَقُّ مِنْ يَمِينِهِمَا،


(١). راجع ج ١٢ ص ٢٥٥.
(٢). راجع ج ٢ ص ٤١.
(٣). نفث الجرح الدم إذا أظهره، والبيت لصخر الغى. (اللسان).
(٤). قال ابن عطية: على تثنية أول، والنصب على تقدير الأولين فالاولين في الرتبة.