للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَوَابًا لِسُؤَالٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ أَتَى بِلَفْظٍ مُسْتَقِلٍّ دُونَ السُّؤَالِ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ في صحة القصد إلى التعميم. فقول:" لا تَأْكُلُوا" ظاهر في تناول الميتة، وتدخل فِيهِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ بِعُمُومِ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ، وَبِزِيَادَةِ ذِكْرِ غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ الذي يقتضي تحريمه نصا بقول:" وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ

«١» ". وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَرَكَ الْمُسْلِمُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا عَلَيْهِ مِنَ الذَّبْحِ، وَعِنْدَ إِرْسَالِ الصَّيْدِ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ، وَهِيَ (الْمَسْأَلَةُ) ٢ (:- الثَّالِثَةُ- الْقَوْلُ) ٢ (الْأَوَّلُ-: إِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أَكَلَا جَمِيعًا، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمْ يُؤْكَلَا، وقال فِي الْكِتَابِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَعِيسَى وَأَصْبَغَ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ وَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَاسِقًا إِذَا كَانَ نَاسِيًا. الثَّانِي: إِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا يَأْكُلُهُمَا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي عِيَاضٍ وَأَبِي رَافِعٍ وَطَاوُسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَتَادَةَ. وَحَكَى الزَّهْرَاوِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: تُؤْكَلُ الذَّبِيحَةُ الَّتِي تُرِكَتِ التسمية عليها عمدا أو نسيانا. و (روي «٢» عَنْ رَبِيعَةَ أَيْضًا. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ، فَإِذَا تَرَكَهَا الذَّابِحُ نَاسِيًا أُكِلَتِ الذَّبِيحَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. الثَّالِثُ: إِنْ تَرَكَهَا عامدا أو ساهيا «٣» حرم أكلها، قال مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَنَافِعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْخَطْمِيُّ وَالشَّعْبِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ. الرَّابِعُ: إِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا كُرِهَ أَكْلُهَا، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَالشَّيْخُ أبو بكر من علمائنا.


(١). راجع ج ٢ ص ٢١٦.
(٢). من ك.
(٣). في ك: ناسيا.