للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ). وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي بكر قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ «١» حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ". وَفِي رِوَايَةٍ أخرى لأبي داود قال:) من قتل رجل مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا (. فِي الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). خَرَّجَهُ مِنْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكُمْ)

إِشَارَةٌ إِلَى هَذِهِ المحرمات. والكاف والميم للخطاب، ولاحظ لَهُمَا مِنَ الْإِعْرَابِ. (وَصَّاكُمْ بِهِ)

الْوَصِيَّةُ الْأَمْرُ الْمُؤَكَّدُ الْمَقْدُورُ. وَالْكَافُ وَالْمِيمُ مَحَلُّهُ النَّصْبُ، لِأَنَّهُ ضَمِيرٌ مَوْضُوعٌ لِلْمُخَاطَبَةِ. وَفِي وَصَّى ضَمِيرُ فَاعِلٍ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ. وَرَوَى مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: عَلَامَ تَقْتُلُونِي! فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ حَصَانَةٍ «٢» فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ أَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ أَوِ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ) فَوَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَلَا قَتَلْتُ أَحَدًا فَأَقِيدُ نَفْسِي بِهِ «٣»، وَلَا ارْتَدَدْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسول، ذَلِكُمُ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ! الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

أَيْ بِمَا فيه صلاحه وتثميره «٤»، وذلك بحفظ أصول وَتَثْمِيرِ فُرُوعِهِ. وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا، فَإِنَّهُ جَامِعٌ قَالَ مُجَاهِدٌ:" وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

" بِالتِّجَارَةِ فِيهِ، ولا تشتري مِنْهُ وَلَا تَسْتَقْرِضْ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ)

يَعْنِي قُوَّتَهُ، وَقَدْ تَكُونُ فِي الْبَدَنِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي الْمَعْرِفَةِ بِالتَّجْرِبَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْوَجْهَيْنِ، فَإِنَّ الْأَشُدَّ وقعت هنا مطلقة


(١). كنه الأمر: حقيقته. وقيل: وقته وقدره. وقيل: غايته، يعنى من قتله في غير وقته أو غاية أمره الذي يجوز فيه قتله (عن النهاية).
(٢). في ب وج وك: إحصانه. [ ..... ]
(٣). في ك: منه.
(٤). في ج: تدبيره.