للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) أَيْ تَبْلُغْ رُوحُهُ رَأْسَ حَلْقِهِ وَذَلِكَ وَقْتَ الْمُعَايَنَةِ الَّذِي يَرَى فِيهِ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، فَالْمُشَاهِدُ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مِثْلُهُ. وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَوْبَةُ كُلِّ مَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ كَالْمُشَاهِدِ لَهُ مَرْدُودَةً مَا عَاشَ، لِأَنَّ عِلْمَهُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِوَعْدِهِ «١» قَدْ صَارَ ضَرُورَةً. فَإِنِ امْتَدَّتْ أَيَّامُ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَنْسَى النَّاسُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ مَا كَانَ، وَلَا يَتَحَدَّثُوا عَنْهُ إِلَّا قَلِيلًا، فَيَصِيرُ الْخَبَرُ عَنْهُ خَاصًّا وَيَنْقَطِعُ التَّوَاتُرُ عَنْهُ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا). وَفِيهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ إلينا فقال: (ما تذكرون)؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ. قَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ. خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدْنٍ تُرَحِّلُ النَّاسَ (. قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاشِرَةِ: وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ. قُلْتُ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُتْقَنٌ «٢» فِي تَرْتِيبِ الْعَلَامَاتِ. وَقَدْ وَقَعَ بَعْضُهَا وَهِيَ الْخُسُوفَاتُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ مِنْ وُقُوعِهَا بِعِرَاقِ الْعَجَمِ وَالْمَغْرِبِ. وَهَلَكَ، بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ فُهُومِ الْآثَارِ وَغَيْرِهِ. وَيَأْتِي ذِكْرُ الدَّابَّةِ فِي" النَّمْلِ «٣» ". وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فِي" الْكَهْفِ «٤» ". وَيُقَالُ: إِنَّ الْآيَاتِ تَتَابَعُ كَالنَّظْمِ فِي الْخَيْطِ عاما فعاما. وقيل: إن الحكم فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِنُمْرُوذَ:" فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بها


(١). في ك: توعه.
(٢). كذا في اول. وفى ب وج وك وى: متفق. وفى ز: متفق عليه.
(٣). راجع ج ١٣ ص ٢٣٤. [ ..... ]
(٤). راجع ج ١١ ص ٥٥.