للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الرِّيحِ فِي الْبَقَرَةِ «١». وَرِيَاحٌ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَأَرْوَاحٌ جَمْعُ قِلَّةٍ. وَأَصْلُ رِيحٍ رِوْحٌ. وَقَدْ خُطِّئَ مَنْ قَالَ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ أَرْيَاحٌ." بُشْراً" فِيهِ سَبْعُ قِرَاءَاتٍ: قَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُو عَمْرٍو" نُشُرًا" بِضَمِّ النُّونِ وَالشِّينِ جَمْعُ نَاشِرٍ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ، أَيْ ذَاتُ نَشْرٍ، فَهُوَ مِثْلُ شَاهِدٍ وَشُهُدٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ نَشُورٍ كَرَسُولٍ وَرُسُلٍ. يُقَالُ: رِيحُ النَّشُورِ إذا أتت من هاهنا وهاهنا. وَالنَّشُورُ بِمَعْنَى الْمَنْشُورِ، كَالرَّكُوبِ بِمَعْنَى الْمَرْكُوبِ. أَيْ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ مُنْشَرَةً. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ" نُشْرًا" بِضَمِّ النُّونِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ مُخَفَّفًا مِنْ نُشُرٍ، كَمَا يُقَالُ: كُتْبٌ وَرُسْلٌ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ" نَشْرًا" بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَعْمَلَ فِيهِ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَنْشُرُ الرِّيَاحَ نَشْرًا. نَشَرْتُ الشَّيْءَ فَانْتَشَرَ، فَكَأَنَّهَا كَانَتْ مَطْوِيَّةً فَنُشِرَتْ عِنْدَ الْهُبُوبِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الرِّيَاحِ، كَأَنَّهُ قَالَ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ مُنْشَرَةً، أَيْ مُحْيَيَةً، مِنْ أَنَشَرَ اللَّهُ الْمَيِّتَ فَنُشِرَ، كَمَا تَقُولُ أَتَانَا رَكْضًا، أَيْ رَاكِضًا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ نَشْرًا (بِالْفَتْحِ) مِنَ النَّشْرِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الطَّيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. كَأَنَّ الرِّيحَ فِي سُكُونِهَا كَالْمَطْوِيَّةِ ثُمَّ تُرْسَلُ مِنْ طَيِّهَا ذَلِكَ فَتَصِيرُ كَالْمُنْفَتِحَةِ. وَقَدْ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِمَعْنَى مُتَفَرِّقَةٍ فِي وُجُوهِهَا، على معنى ينشرها هاهنا وهاهنا. وَقَرَأَ عَاصِمٌ:" بُشْرًا" بِالْبَاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ وَالتَّنْوِينِ جَمْعُ بَشِيرٍ، أَيِ الرِّيَاحُ تُبَشِّرُ بِالْمَطَرِ. وَشَاهِدُهُ قَوْلُهُ:" وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ «٢» ". وَأَصْلُ الشِّينِ الضَّمُّ، لَكِنْ سُكِّنَتْ تَخْفِيفًا كَرُسُلٍ وَرُسْلٍ. وَرُوِيَ عَنْهُ" بَشْرًا" بِفَتْحِ الْبَاءِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيُقْرَأُ" بُشُرًا" وَ" بَشْرٌ مَصْدَرُ بَشَرَهُ يَبْشُرُهُ بِمَعْنَى بَشَّرَهُ" فَهَذِهِ خَمْسُ قِرَاءَاتٍ. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ الْيَمَانِيُّ" بُشْرَى" عَلَى وَزْنِ حُبْلَى. وَقِرَاءَةٌ سابعة" بشرى" بضم الباء والشين. (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا) السَّحَابُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَكَذَا كُلُّ جَمْعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدَتِهِ هَاءٌ. وَيَجُوزُ نَعْتُهُ بِوَاحِدٍ فَتَقُولُ: سَحَابٌ ثَقِيلٌ وَثَقِيلَةٌ. وَالْمَعْنَى: حَمَلَتِ الرِّيحُ سَحَابًا ثِقَالًا بِالْمَاءِ، أَيْ أَثْقَلَتْ بِحَمْلِهِ. يُقَالُ: أَقَلَّ فُلَانٌ الشَّيْءَ أي حمله. سقناه


(١). راجع ج ٢ ص ١٩٧.
(٢). راجع ج ١٤ ص ٤٣.