للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَكَانَ اسْمُهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ بَيْرُوتَ. وَأُمُّهُ مِيكَائِيلُ بِنْتُ لُوطٍ. وَزَعَمَ الشرقي بن القطامي أن شعيبا بن عَيْفَاءَ بْنِ يَوْبَبَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وزعم ابن سمعان أن شعيبا بن جَزَى بْنِ يَشْجُرَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَشُعَيْبٌ تَصْغِيرُ شَعْبٍ أَوْ شِعْبٍ «١». وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ شُعَيْبُ بْنُ يَوْبَبَ «٢». وَقِيلَ: شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَيْفَاءَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ «٣». وَاللَّهُ أعلم. وكان أعمى «٤»، ولذلك قَالَ قَوْمُهُ:" وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً «٥» ". وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمَهُ. وَكَانَ قَوْمُهُ أَهْلَ كُفْرٍ بِاللَّهِ وَبَخْسٍ لِلْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ. (قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أَيْ بَيَانٌ، وَهُوَ مَجِيءُ شُعَيْبٍ بِالرِّسَالَةِ. وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُعْجِزَةٌ فِي الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: مُعْجِزَتُهُ فِيمَا ذَكَرَ الْكِسَائِيُّ فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) الْبَخْسُ النَّقْصُ. وَهُوَ يَكُونُ فِي السِّلْعَةِ بِالتَّعْيِيبِ وَالتَّزْهِيدِ فِيهَا، أَوِ الْمُخَادَعَةِ عَنِ الْقِيمَةِ، وَالِاحْتِيَالِ فِي التَّزَيُّدِ فِي الْكَيْلِ وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ. وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالسَّالِفَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ «٦») وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) عَطْفٌ عَلَى" وَلا تَبْخَسُوا". وَهُوَ لَفْظٌ يَعُمُّ دَقِيقَ الْفَسَادِ وَجَلِيلَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتِ الْأَرْضُ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ شُعَيْبًا رَسُولًا يُعْمَلُ فِيهَا بِالْمَعَاصِي وَتُسْتَحَلُّ فِيهَا الْمَحَارِمُ وَتُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ. قَالَ: فَذَلِكَ فَسَادُهَا. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْبًا وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ صَلَحَتِ الْأَرْضُ. وَكُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ إِلَى قَوْمِهِ فَهُوَ صَلَاحُهُمْ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ) نَهَاهُمْ عَنِ الْقُعُودِ بِالطُّرُقِ وَالصَّدِّ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَكَانُوا يُوعِدُونَ الْعَذَابَ مَنْ آمَنَ. وَاخْتَلَفَ العلماء


(١). في شرح القاموس: تصغير شعب أو أشعب: كما قالوا في تصغير أسود سويد.
(٢). في ع: ثويب.
(٣). وردت هذه الأسماء مضطربة في نسخ الأصل وفى المصادر التي بين أيدينا. ولم نوفق لضبطها.
(٤). ليس رسول من الله أعمى وإنما شعيب الرجل الصالح صاحب موسى هو فيما قيل أعمى وبينهما ثلاثمائة سنة إذ عصمة الأنبياء تنافى ما ينفر من الصفات. مصححة.
(٥). راجع ج ٩ ص ٨٤.
(٦). من ع.