للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنَّهُ إِذَا أُخِذَ حَيًّا وَقُطِعَتْ رَأْسُهُ أَنَّهُ حَلَالٌ بِاتِّفَاقٍ. وَأَنَّ ذَلِكَ يَتَنَزَّلُ مِنْهُ مَنْزِلَةَ الذَّكَاةِ فِيهِ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يَحْتَاجُ إِلَى سَبَبٍ يَمُوتُ بِهِ إِذَا صِيدَ أَمْ لَا، فَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ، وَيُؤْكَلُ كَيْفَمَا مَاتَ. وَحُكْمُهُ عِنْدَهُمْ حُكْمُ الْحِيتَانِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ نَافِعٍ وَمُطَرِّفٌ وَذَهَبَ مَالِكٌ إلى أنه لأبد لَهُ مِنْ سَبَبٍ يَمُوتُ بِهِ، كَقَطْعِ رُءُوسِهِ أَوْ أَرْجُلِهِ أَوْ أَجْنِحَتِهِ إِذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يُصْلَقُ أَوْ يُطْرَحُ فِي النَّارِ، لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ فَمَيْتَتُهُ مُحَرَّمَةٌ. وَكَانَ اللَّيْثُ يَكْرَهُ أَكْلَ مَيِّتِ الْجَرَادِ، إِلَّا مَا أُخِذَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ أَخْذَهُ ذَكَاةٌ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ الْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَدَمَانِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ). وَقَالَ ابن ماجة: حدثنا أحمد ابن مَنِيعٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَادَيْنَ الْجَرَادَ عَلَى الْأَطْبَاقِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا. الْخَامِسَةُ- رَوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ أَلْفَ أُمَّةٍ سِتُّمِائَةٍ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ وَإِنَّ أَوَّلَ هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَمِ الْجَرَادُ فَإِذَا هَلَكَتِ الْجَرَادُ تَتَابَعَتِ الْأُمَمُ مِثْلَ نِظَامِ السِّلْكِ إِذَا انْقَطَعَ (. ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي (نَوَادِرِ الْأُصُولِ) وَقَالَ: وَإِنَّمَا صَارَ الْجَرَادُ أَوَّلَ هَذِهِ الْأُمَمِ هَلَاكًا لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنَ الطِّينَةِ الَّتِي فَضَلَتْ مِنْ طِينَةِ آدم. وإنما تهلك الأمم لهلاك الآدمين لِأَنَّهَا مُسَخَّرَةٌ لَهُمْ. رَجَعْنَا إِلَى قِصَّةِ الْقِبْطِ- فَعَاهَدُوا مُوسَى أَنْ يُؤْمِنُوا لَوْ كَشَفَ عَنْهُمُ الْجَرَادَ، فَدَعَا فَكُشِفَ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ زروعهم شي فَقَالُوا: يَكْفِينَا مَا بَقِيَ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقُمَّلَ، وَهُوَ صِغَارُ الدَّبَى، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَالدَّبَى: الْجَرَادُ قَبْلَ أَنْ يَطِيرَ، الْوَاحِدَةُ دَبَاةٌ. وَأَرْضٌ مَدْبِيَّةٌ إِذَا أَكَلَ الدَّبَى نَبَاتَهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْقُمَّلُ السُّوسُ الَّذِي فِي الْحِنْطَةِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْبَرَاغِيثُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: دَوَابُّ سُودٌ صِغَارٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْحَمْنَانُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْقُرَادِ، وَاحِدُهَا حَمْنَانَةٌ. فَأَكَلَتْ دَوَابَّهُمْ وَزُرُوعَهُمْ، وَلَزِمَتْ جُلُودَهُمْ كَأَنَّهَا الْجُدَرِيُّ عَلَيْهِمْ،