كُلُّ الْأُمُورِ تَزُولُ عَنْكَ وَتَنْقَضِي ... إِلَّا الثَّنَاءَ فَإِنَّهُ لَكَ بَاقِي
وَلَوْ أَنَّنِي خُيِّرْتُ كُلَّ فَضِيلَةٍ ... مَا اخْتَرْتُ غَيْرَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ
وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى بطور سيناء. قيل له: بأي شي أَوْصَاكَ؟ قَالَ: بِتِسْعَةِ أَشْيَاءَ، الْخَشْيَةُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي، وَأَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وَأَنْ يَكُونَ نُطْقِي ذِكْرًا، وَصَمْتِي فِكْرًا، وَنَظَرِي عِبْرَةً. قُلْتُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ، (أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْعٍ الْإِخْلَاصِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْقَصْدِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَأَنْ أَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي وَأَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي وَأَنْ يكون نطقي ذكرا وصمتي فكرا نظري عِبْرَةً (. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:" خُذِ الْعَفْوَ" أَيِ الزَّكَاةُ، لِأَنَّهَا يَسِيرٌ مِنْ كَثِيرٍ. وَفِيهِ بُعْدٌ، لِأَنَّهُ مِنْ عَفَا إِذَا دَرَسَ. وَقَدْ يُقَالُ: خُذِ الْعَفْوَ مِنْهُ، أَيْ لَا تُنْقِصْ عَلَيْهِ وَسَامِحْهُ. وَسَبَبُ النُّزُولِ يَرُدُّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِمُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ دَلَّهُ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَإِنَّهَا سَبَبُ جَرِّ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْإِيمَانِ. أَيِ اقْبَلْ مِنَ النَّاسِ مَا عَفَا لَكَ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَتَيَسَّرَ، تَقُولُ: أَخَذْتُ حَقِّي عَفْوًا صَفْوًا، أَيْ سَهْلًا. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) أَيْ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ" الْعُرُفِ" بِضَمَّتَيْنِ، مِثْلَ الْحُلُمِ، وَهُمَا لُغَتَانِ. وَالْعُرْفُ وَالْمَعْرُوفُ وَالْعَارِفَةُ: كُلُّ خَصْلَةٍ حَسَنَةٍ تَرْتَضِيهَا الْعُقُولُ، وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا النُّفُوسُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازِيَهُ ... لَا يَذْهَبُ الْعُرْفُ بَيْنَ اللَّهِ وَالنَّاسِ
وَقَالَ عَطَاءٌ:" وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ" يَعْنِي بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) أَيْ إِذَا أَقَمْتَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ وَأَمَرْتَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ فَجَهِلُوا عَلَيْكَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ، صِيَانَةً لَهُ عَلَيْهِمْ وَرَفْعًا لِقَدْرِهِ عَنْ مُجَاوَبَتِهِمْ. وَهَذَا وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute