الْعِلْمِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مالك ابن أَنَسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ. وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي ذَلِكَ إِلَّا النُّعْمَانَ فَإِنَّهُ خَالَفَ فِيهِ السُّنَنَ وَمَا عَلَيْهِ جُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ. قَالَ: لَا يُسْهَمُ لِلْفَارِسِ إِلَّا سَهْمٌ وَاحِدٌ. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. خَرَّجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: قَالَ الرَّمَادِيُّ كَذَا يَقُولُ ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ لَنَا النَّيْسَابُورِيُّ: هَذَا عِنْدِي وَهْمٌ مِنَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَوْ مِنَ الرَّمَادِيِّ، لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ بِشْرٍ وَغَيْرَهُمَا رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «١» [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [بِخِلَافِ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِلرَّجُلِ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لفرسه، هكذا رواه عبد الرحمن ابن بِشْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا. وَهَذَا نَصٌّ. وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ أَسْهُمٍ يَوْمَ بَدْرٍ، سَهْمَيْنِ لِفَرَسِي وَسَهْمًا لِي وَسَهْمًا لِأُمِّي مِنْ ذَوِي الْقَرَابَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَسَهْمًا لِأُمِّهِ سَهْمُ ذَوِي القربى. وخرج عن بشير بن عمرو ابن مُحْصَنٍ قَالَ: أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَرَسِي أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَلِي سَهْمًا، فَأَخَذْتُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَيَنْفُذُ مَا رَأَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ- لَا يُفَاضِلُ بَيْنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ بِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ وَاحِدٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فرس واحد، لأنه أكثر عنا وأعظم منفعة،
(١). الذي في نسخة الدارقطني: (عن ابن نمير).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute