ابن الْحَارِثِ فَأَدَّى عَنْهُمَا ثَمَانِينَ أُوقِيَّةً، وَعَنْ نَفْسِهِ ثَمَانِينَ أُوقِيَّةً وَأُخِذَ مِنْهُ عِشْرُونَ [أُوقِيَّةً «١»] وَقْتَ الْحَرْبِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ ضَمِنُوا الْإِطْعَامَ لِأَهْلِ بَدْرٍ، فَبَلَغَتِ النَّوْبَةُ إِلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ فَاقْتَتَلُوا قَبْلَ أَنْ يُطْعِمَ، وَبَقِيَتِ الْعِشْرُونَ مَعَهُ فَأُخِذَتْ مِنْهُ وَقْتَ الْحَرْبِ، فَأُخِذَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ مِائَةُ أُوقِيَّةٍ وَثَمَانُونَ أُوقِيَّةً. فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ تَرَكْتَنِي مَا حَيِيتُ أَسْأَلُ قُرَيْشًا بِكَفِّي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيْنَ الذَّهَبُ الَّذِي تَرَكْتَهُ عِنْدَ امْرَأَتِكَ أُمِّ الْفَضْلِ)؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَيُّ ذَهَبٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّكَ قُلْتَ لَهَا لَا أَدْرِي مَا يُصِيبُنِي فِي وَجْهِي هَذَا فَإِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَهُوَ لَكِ وَلِوَلَدِكِ) فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي، مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: (اللَّهُ أَخْبَرَنِي). قَالَ الْعَبَّاسُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ، وَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يُطْلِعْكَ عَلَيْهِ إِلَّا عَالِمُ السَّرَائِرِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَكَفَرْتُ بِمَا سِوَاهُ. وَأَمَرَ ابْنَيْ أَخَوَيْهِ فَأَسْلَمَا، فَفِيهِمَا نَزَلَتْ" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى ". وَكَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبَا الْيُسْرِ كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو أَخَا بَنِي سَلَمَةَ، وَكَانَ رَجُلًا قَصِيرًا، وَكَانَ الْعَبَّاسُ ضَخْمًا طَوِيلًا، فَلَمَّا جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: (لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ). الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) أَيْ إِسْلَامًا. يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) أَيْ مِنَ الْفِدْيَةِ. قِيلَ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالٌ مِنْ الْبَحْرَيْنِ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: إِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذْ) فَبَسَطَ ثَوْبَهُ وَأَخَذَ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْمِلَهُ. مُخْتَصَرٌ. فِي غَيْرِ الصَّحِيحِ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ هَذَا خَيْرٌ مِمَّا أُخِذَ مِنِّي، وَأَنَا بَعْدُ أَرْجُو أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. قَالَ الْعَبَّاسُ: وَأَعْطَانِي زَمْزَمَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا جَمِيعَ أَمْوَالِ أَهْلِ مَكَّةَ. وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ إِلَى
الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: فِيَّ نَزَلَتْ حِينَ أَعْلَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِي، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُحَاسِبَنِي بِالْعِشْرِينَ أُوقِيَّةً الَّتِي أُخِذَتْ مِنِّي قَبْلَ الْمُفَادَاةِ فَأَبَى. وقال: (ذلك في) فَأَبْدَلَنِي اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ تَاجَرَ بِمَالِي. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ
(١). من ج وهـ. والجمل عن القرطبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute