للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا رَاكِبًا إِنَّ الْأَثِيلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ

أَبْلِغْ بِهَا مَيْتًا بِأَنَّ تَحِيَّةً ... مَا إِنْ تَزَالُ بِهَا النَّجَائِبُ تَخْفِقُ

مِنِّي إِلَيْكَ وَعَبْرَةٌ مَسْفُوحَةٌ ... جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وَأُخْرَى تَخْنُقُ

هَلْ يَسْمَعُنِي النَّضْرُ إِنْ نَادَيْتُهُ ... أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لَا يَنْطِقُ

أَمُحَمَّدُ يَا خَيْرَ ضِنْءِ «١» كَرِيمَةٍ ... فِي قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقٌ

مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّمَا ... من الفتى وهو المغيط الْمُحْنَقُ

لَوْ كُنْتُ قَابِلَ فِدْيَةٍ لَفَدَيْتُهُ ... بِأَعَزِ مَا يُفْدَى بِهِ مَا يُنْفِقُ

فَالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ أَسَرْتُ قَرَابَةً ... وَأَحَقُّهُمْ إِنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ

ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ ... لِلَّهِ أَرْحَامٌ هُنَاكَ تُشَقَّقُ

صَبْرًا يُقَادُ إِلَى الْمَنِيَّةِ مُتْعَبًا ... رَسْفَ الْمُقَيَّدِ وَهْوَ عَانٍ مُوثَقُ

السَّابِعَة وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ- وَهُوَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِي الْكِتَابِ- مِنْ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ بِعَصَبَةٍ، كَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ، وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ، وَبَنَاتِ الْأَخِ، وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَالْعَمِّ أَخِ الْأَبِ لِلْأُمِّ، وَالْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ، وَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ، وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ. فَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَرِثُ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ بِتَوْرِيثِهِمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَمُعَاذٌ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةُ وَعَلِيٌّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَاحْتَجُّوا بِالْآيَةِ، وَقَالُوا: وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ سَبَبَانِ الْقَرَابَةُ وَالْإِسْلَامُ، فَهُمْ أَوْلَى مِمَّنْ لَهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. أَجَابَ الْأَوَّلُونَ فَقَالُوا: هَذِهِ آيَةٌ مُجْمَلَةٌ جَامِعَةٌ، وَالظَّاهِرُ بِكُلِّ رَحِمٍ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، وَآيَاتُ الْمَوَارِيثِ مُفَسَّرَةٌ وَالْمُفَسَّرُ قَاضٍ عَلَى الْمُجْمَلِ وَمُبَيِّنٌ. قَالُوا: وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الولاء سببا ثابتا، أقام


(١). الضنء (بالكسر): الأصل.