للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْ بِأَسْيَافِكُمْ. (وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ) أَيْ عَلَى مَنِ انْهَزَمَ فَيَهْدِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ. كَمَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ رَئِيسِ حُنَيْنٍ وَمَنْ أسلم معه من قومه. الثانية- وَلَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غنائم حنين بالجعرانة «١»، أتاه وفد هو ازن مُسْلِمِينَ رَاغِبِينَ فِي الْعَطْفِ عَلَيْهِمْ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ خَيْرُ النَّاسِ وَأَبَرُّ النَّاسِ، وَقَدْ أَخَذْتَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا. فَقَالَ لَهُمْ: (إِنِّي قَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ وَقَدْ وَقَعَتِ الْمَقَاسِمُ وَعِنْدِي مَنْ تَرَوْنَ وَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ فَاخْتَارُوا إِمَّا ذَرَارِيَكُمْ وَإِمَّا أَمْوَالَكُمْ (. فَقَالُوا: لَا نَعْدِلُ بِالْأَنْسَابِ شَيْئًا. فَقَامَ خَطِيبًا وَقَالَ:) هَؤُلَاءِ جَاءُونَا مُسْلِمِينَ وَقَدْ خَيَّرْنَاهُمْ فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالْأَنْسَابِ فَرَضَوْا بِرَدِّ الذُّرِّيَّةِ وَمَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ فَهُوَ لَهُمْ (. وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ: أَمَّا مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَامْتَنَعَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فِي قَوْمِهِمَا مِنْ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِمَّا وَقَعَ لَهُمْ فِي سِهَامِهِمْ. وَامْتَنَعَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ كَذَلِكَ، وَطَمِعَ أَنْ يُسَاعِدَهُ قَوْمُهُ كَمَا سَاعَدَ الْأَقْرَعَ وَعُيَيْنَةَ قَوْمُهُمَا. فَأَبَتْ بَنُو سُلَيْمٍ وَقَالُوا: بَلْ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ ضَنَّ مِنْكُمْ بِمَا فِي يَدَيْهِ فَإِنَّا نُعَوِّضُهُ مِنْهُ). فَرَدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساء هم وَأَوْلَادَهُمْ، وَعَوَّضَ مَنْ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِتَرْكِ نَصِيبِهِ أَعْوَاضًا رَضَوْا بِهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ظِئْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ مِنْ بَنِي سَعْدٍ أَتَتْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَسَأَلَتْهُ سَبَايَا حُنَيْنٍ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا مَا يُصِيبُنِي مِنْهُمْ وَلَكِنِ ايِتِينِي غَدًا فَاسْأَلِينِي وَالنَّاسُ عِنْدِي فَإِذَا أَعْطَيْتُكِ حِصَّتِي أَعْطَاكِ النَّاسُ). فجاءت الغد فبسط لها ثوبه فأقعد ها عَلَيْهِ. ثُمَّ سَأَلَتْهُ فَأَعْطَاهَا نَصِيبَهُ فَلَمَّا رَأَى ذلك الناس أعطوها أنصباء هم. وكان عدد سبي هو زان فِي قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ سِتَّةَ آلَافِ رَأْسٍ. وَقِيلَ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِيهِنَّ الشَّيْمَاءُ أُخْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَهِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ [وَبِنْتُ] حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ، فَأَكْرَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَرَجَعَتْ مسرورة


(١). الجعرانة: موضع على سبعة أميال من مكة إلى الطائف.