للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) رُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي مُقَرِّنٍ- وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ- وَكَانُوا سَبْعَةَ إِخْوَةٍ، كُلُّهُمْ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ غَيْرُهُمْ، وَهُمُ النُّعْمَانُ وَمَعْقِلٌ وَعَقِيلٌ وَسُوَيْدٌ وَسِنَانٌ وَسَابِعٌ لَمْ يُسَمَّ «١». بَنُو مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّونَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ هَاجَرُوا وَصَحِبُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ- فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ- فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ غَيْرُهُمْ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمْ شَهِدُوا الْخَنْدَقَ كُلُّهُمْ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنْ بُطُونٍ شَتَّى، وَهُمُ الْبَكَّاءُونَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لِيَحْمِلَهُمْ، فَلَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، فَ"- تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ" فَسُمُّوا الْبَكَّائِينَ. وَهُمْ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ. وَأَبُو لَيْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ. وَعَمْرُو بْنُ الْحُمَامِ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ الْمُزَنِيُّ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ. وَهَرَمِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُو بَنِي وَاقِفٍ، وَعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ الْفَزَارِيُّ، هَكَذَا سَمَّاهُمْ أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ الدُّرَرِ لَهُ. وَفِيهِمُ اخْتِلَافٌ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ وَصَخْرُ بْنُ خَنْسَاءَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ وَآخَرُ. قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ نَدَبْتَنَا لِلْخُرُوجِ مَعَكَ، فَاحْمِلْنَا عَلَى الْخِفَافِ الْمَرْفُوعَةِ وَالنِّعَالِ الْمَخْصُوفَةِ نَغْزُ مَعَكَ. فَقَالَ:" لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" فَتَوَلَّوْا وَهُمْ يَبْكُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلُوهُ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَحْتَاجُ إِلَى بَعِيرَيْنِ، بَعِيرٍ يَرْكَبُهُ وَبَعِيرٍ يَحْمِلُ مَاءَهُ وَزَادَهُ لِبُعْدِ الطَّرِيقِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ فِي أَبِي مُوسَى وَأَصْحَابِهِ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَحْمِلُوهُ، وَوَافَقَ ذَلِكَ مِنْهُ غَضَبًا فَقَالَ:" وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" فَتَوَلَّوْا يَبْكُونَ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهُمْ ذودا «٢». فقال أبو موسى:


(١). لم يذكر المؤلف غير خمسة. والذي في القاموس (مادة قرن): (وعبد الله وعبد الرحمن وعقيل ومعقل والنعمان وسويد وسنان أولاد مقرن كمحدث صحابيون).
(٢). الذود من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشر وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها والكثير أذواد.