أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عَشَرَةٍ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ فِي سَوَارِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ بِنَحْوِهِ قَتَادَةُ وَقَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَ" خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً" [التوبة: ١٠٣]، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانُوا ثَمَانِيَةً. وَقِيلَ: كَانُوا سِتَّةً. وَقِيلَ: خَمْسَةٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَبِي لُبَابَةَ الْأَنْصَارِيِّ خَاصَّةً فِي شَأْنِهِ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَلَّمُوهُ فِي النُّزُولِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ لَهُمْ إِلَى حَلْقِهِ. يُرِيدُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْبَحُهُمْ إِنْ نَزَلُوا، فَلَمَّا افْتَضَحَ تَابَ وَنَدِمَ وَرَبَطَ نَفْسَهُ فِي سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَأَقْسَمَ أَلَّا يَطْعَمَ وَلَا يَشْرَبَ حَتَّى يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ يَمُوتَ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ حَتَّى عَفَا اللَّهُ عَنْهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَلِّهِ، ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ أَوْعَبَ مِنْ هَذَا. وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: نَزَلَتْ" وَآخَرُونَ" فِي شَأْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَقَالَ حِينَ أَصَابَ الذَّنْبَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُجَاوِرُكَ وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي؟ فَقَالَ: (يَجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:" خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها" [التوبة ١٠٣] وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَالْجُمْهُورُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانُوا رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا فَعَلَ أَبُو لُبَابَةَ، وَعَاهَدُوا اللَّهَ أَلَّا يُطْلِقُوا أَنْفُسَهُمْ حَتَّى يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُهُمْ وَيَرْضَى عَنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا أُطْلِقُهُمْ وَلَا أَعْذِرُهُمْ حَتَّى أُومَرَ بِإِطْلَاقِهِمْ رَغِبُوا عَنِّي وَتَخَلَّفُوا عَنِ الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْلَقَهُمْ وَعَذَرَهُمْ. فَلَمَّا أُطْلِقُوا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ أَمْوَالُنَا الَّتِي خَلَّفَتْنَا عَنْكَ، فَتَصَدَّقْ بِهَا عَنَّا وَطَهِّرْنَا وَاسْتَغْفِرْ لَنَا. فَقَالَ: (مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَيْئًا) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً" [التوبة: ١٠٣] الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ مِنْهُمْ أَبُو لُبَابَةَ، فَأَخَذَ ثُلُثَ أَمْوَالِهِمْ وَكَانَتْ كَفَّارَةَ الذُّنُوبِ الَّتِي أَصَابُوهَا. فَكَانَ عَمَلُهُمُ السَّيِّئُ التَّخَلُّفَ بِإِجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّالِحِ، فَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ: الِاعْتِرَافُ وَالتَّوْبَةُ وَالنَّدَمُ. وَقِيلَ: عَمَلُهُمُ الصَّالِحُ الَّذِي عَمِلُوهُ أَنَّهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وربطوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute