للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأَبِي طَالِبٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي" [مريم: ٤٧] فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ اسْتِغْفَارَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ كَانَ وَعْدًا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْكُفْرُ مِنْهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْكُفْرُ مِنْهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَسْتَغْفِرُ أَنْتَ لِعَمِّكَ يَا مُحَمَّدُ وَقَدْ شَاهَدْتَ مَوْتَهُ كَافِرًا. الثَّانِيَةُ- ظَاهِرُ حَالَةِ الْمَرْءِ عِنْدَ الْمَوْتِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهَا فَإِنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِبَاطِنِ حَالِهِ بَيْدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ عَمَّكَ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ). وَهَذِهِ شَفَاعَةٌ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ لَا فِي الْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ" التَّذْكِرَةِ". الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَوَّاهِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ- أَنَّهُ الدَّعَّاءُ الَّذِي يُكْثِرُ الدُّعَاءَ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ. الثَّانِي- أَنَّهُ الرَّحِيمُ بِعِبَادِ اللَّهِ قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إِسْنَادًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَهُ النَّحَّاسُ. الثَّالِثُ- أَنَّهُ الْمُوقِنُ قَالَهُ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَرَوَاهُ أَبُو ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الرَّابِعُ- أَنَّهُ الْمُؤْمِنُ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا. الْخَامِسُ- أَنَّهُ الْمُسَبِّحُ الَّذِي يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الأرض القفر الموحشة، قاله الكلبي وسعيد ابن الْمُسَيَّبِ. السَّادِسُ- أَنَّهُ الْكَثِيرُ الذِّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ وَيُسَبِّحُ فَقَالَ: (إِنَّهُ لَأَوَّاهٌ). السَّابِعُ- أَنَّهُ الَّذِي يُكْثِرُ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قُلْتُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَدَاخِلَةٌ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ يَجْمَعُهَا. الثَّامِنُ- أَنَّهُ الْمُتَأَوِّهُ، قَالَهُ أَبُو ذَرٍّ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: (آهْ مِنَ النَّارِ قَبْلَ أَلَّا تَنْفَعَ آهْ). وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَانَ رَجُلٌ يُكْثِرُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: أَوْهِ أَوْهِ، فَشَكَاهُ أَبُو ذَرٍّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (دَعْهُ فَإِنَّهُ أَوَّاهٌ) فَخَرَجْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْفِنُ ذَلِكَ الرَّجُلَ لَيْلًا وَمَعَهُ الْمِصْبَاحُ. التَّاسِعُ- أَنَّهُ الْفَقِيهُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ. الْعَاشِرُ- أَنَّهُ الْمُتَضَرِّعُ الْخَاشِعُ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَنَسٌ: تَكَلَّمَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ كَرِهَهُ فَنَهَاهَا عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ