للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَافِرٍ (. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلَيْنِ كَانَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَحَدُهُمَا كَانَ عَالِمًا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ. وَالْآخَرُ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَضْلُ هَذَا الْعَالِمِ الَّذِي يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ عَلَى الْعَابِدِ الَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ (. أَسْنَدَهُ أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ (بَيَانُ الْعِلْمِ) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أُمَّتِي). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُعَلِّمُ فِيهِ الْقُرْآنَ وَالْفِقْهَ وَالسُّنَّةَ. رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ قَالَ: أَرَدْتُ الْجِهَادَ فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خير لك من الجهاد، تأتي مسجدا فتقرى فِيهِ الْقُرْآنَ وَتُعَلِّمُ فِيهِ الْفِقْهَ «١». وَقَالَ الرَّبِيعُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: طَلَبُ الْعِلْمِ أَوْجَبُ مِنَ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا) الْحَدِيثَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهَا تَعْطِفُ عَلَيْهِ وَتَرْحَمُهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا وَصَّى بِهِ الْأَوْلَادَ مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ بِقَوْلِهِ:" وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ" «٢» [الاسراء: ٢٤] أَيْ تَوَاضَعْ لَهُمَا. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ- أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِوَضْعِ الْأَجْنِحَةِ فَرْشَهَا، لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَفْرِشُ أَجْنِحَتَهَا) أَيْ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا رَأَتْ طَالِبَ الْعِلْمِ يَطْلُبُهُ مِنْ وجهه ابتغاء مرضات اللَّهِ وَكَانَتْ سَائِرُ أَحْوَالِهِ مُشَاكِلَةً لِطَلَبِ الْعِلْمِ فَرَشَتْ لَهُ أَجْنِحَتَهَا فِي رِحْلَتِهِ وَحَمَلَتْهُ عَلَيْهَا، فَمِنْ هُنَاكَ يَسْلَمُ فَلَا يَحْفَى إِنْ كَانَ مَاشِيًا وَلَا يَعْيَا، وَتُقَرِّبُ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ الْبَعِيدَةَ وَلَا يُصِيبُهُ مَا يُصِيبُ الْمُسَافِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ كَالْمَرَضِ وَذَهَابِ الْمَالِ وَضَلَالِ الطَّرِيقِ. وَقَدْ مضى شي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي [آلِ عِمْرَانَ] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" شَهِدَ اللَّهُ" الْآيَةَ «٣». رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ). قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: إِنْ لَمْ يَكُونُوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟.


(١). في ب: السنة
(٢). راجع ج ١٠ ص ٢٣٦ فما بعد.
(٣). راجع ج ٤ ص ٤٠.