لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا دُونَهُ إِذَا مَا ذَكَرَهُ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِخَفْضِ" الْعَظِيمِ" نعتا للعرش. وقرى بِالرَّفْعِ صِفَةً لِلرَّبِّ، رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مُحَيْصِنٍ وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ صَادِقًا كَانَ بِهَا أَوْ كَاذِبًا. وَفِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَالَ عَشْرَ كَلِمَاتٍ عِنْدَ دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُنَّ مَكْفِيًّا مَجْزِيًّا خَمْسٌ لِلدُّنْيَا وَخَمْسٌ لِلْآخِرَةِ حَسْبِيَ اللَّهُ لِدِينِي حَسْبِيَ اللَّهُ لِدُنْيَايَ حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَا أَهَمَّنِي حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ بَغَى عَلَيَّ حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ حَسَدَنِي حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ كَادَنِي بِسُوءٍ حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الْمِيزَانِ حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الصِّرَاطِ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (. وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: أَقْرَبُ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِاللَّهِ تَعَالَى هَاتَانِ الْآيَتَانِ" لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ" إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ. وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ آخِرَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ" لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ" وَهَذِهِ الْآيَةُ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي [الْبَقَرَةِ] وَهُوَ أَصَحُّ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: تَقَدَّمَ نُزُولُهَا بِمَكَّةَ. وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُثْبِتُ آيَةً فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهَا رَجُلَانِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ" لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ" فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُكَ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةً كَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْبَتَهُمَا. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الرَّجُلُ هُوَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا أَثْبَتَهُمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ قَرِينَةٌ تُغْنِي عَنْ طَلَبِ شَاهِدٍ آخَرَ بِخِلَافِ آيَةِ الْأَحْزَابِ" رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ" «١» [الْأَحْزَابِ: ٢٣] فَإِنَّ تِلْكَ ثَبَتَتْ بِشَهَادَةِ زَيْدٍ وَخُزَيْمَةَ لِسَمَاعِهِمَا إِيَّاهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ. والحمد لله.
(١). راجع ج ١٤ ص آية ٢٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute