للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَجُلٍ ثُمَّ اسْتَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ انْتَسَبُوا إِلَيْهِ. (قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) بِالْخَفْضِ عَلَى اللَّفْظِ، وَ" غَيْرُهُ" بِالرَّفْعِ عَلَى الْمَوْضِعِ، وَ" غَيْرُهُ" بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) أَيْ مَا أَنْتُمْ فِي اتِّخَاذِكُمْ إِلَهًا غَيْرَهُ إِلَّا كَاذِبُونَ عَلَيْهِ جَلَّ وَعَزَّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ. وَالْفِطْرَةُ ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) مَا جَرَى عَلَى قَوْمِ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ. (يُرْسِلِ السَّماءَ) جُزِمَ لِأَنَّهُ جَوَابٌ وَفِيهِ مَعْنَى الْمُجَازَاةِ." (عَلَيْكُمْ مِدْراراً) " نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّكْثِيرِ، أَيْ يُرْسِلِ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ مُتَتَابِعًا يَتْلُو بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالْعَرَبُ تَحْذِفُ الْهَاءَ فِي مِفْعَالٍ عَلَى النَّسَبِ، وَأَكْثَرُ مَا يَأْتِي مِفْعَالٌ مِنْ أَفْعَلَ، وَقَدْ جَاءَ هَاهُنَا مِنْ فَعَلَ، لِأَنَّهُ مِنْ دَرَّتِ السَّمَاءُ تَدِرُّ وَتَدُرُّ فَهِيَ مِدْرَارٌ. وَكَانَ قَوْمُ هُودٍ- أَعْنِي عَادًا- أَهْلَ بَسَاتِينَ وَزُرُوعٍ وَعِمَارَةٍ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُهُمُ الرِّمَالَ الَّتِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي" الْأَعْرَافِ" «١». (وَيَزِدْكُمْ) عَطْفٌ عَلَى يُرْسِلْ. (قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) قَالَ مُجَاهِدٌ: شِدَّةٌ عَلَى شِدَّتِكُمْ. الضَّحَّاكُ: خِصْبًا إِلَى خِصْبِكُمْ. عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: عِزًّا عَلَى عِزِّكُمْ. عِكْرِمَةُ: وَلَدًا إِلَى وَلَدِكُمْ. وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْهُمُ الْمَطَرَ [وَأَعْقَمَ الْأَرْحَامَ «٢»] ثَلَاثَ سِنِينَ فَلَمْ يُولَدْ لَهُمْ وَلَدٌ، فَقَالَ لهم هود: إن آمنتم أحيى اللَّهُ بِلَادَكُمْ وَرَزَقَكُمُ الْمَالَ وَالْوَلَدَ، فَتِلْكَ الْقُوَّةُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى يَزِدْكُمْ قُوَّةً فِي النِّعَمِ. (وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) أَيْ لَا تُعْرِضُوا عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، وَتُقِيمُوا عَلَى الْكُفْرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ حُجَّةٍ وَاضِحَةٍ. (وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) إِصْرَارًا مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ) أَيْ أَصَابَكَ. (بَعْضُ آلِهَتِنا) أَيْ أَصْنَامِنَا. (بِسُوءٍ) أَيْ بِجُنُونٍ لِسَبِّكَ إِيَّاهَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: عَرَاهُ الْأَمْرُ وَاعْتَرَاهُ إِذَا أَلَمَّ بِهِ. وَمِنْهُ" وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ" «٣» [الحج: ٣٦]. (قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ) أَيْ عَلَى نَفْسِي. (وَاشْهَدُوا)


(١). راجع ج ٧ ص ٢٣٦.
(٢). من ع وو.
(٣). راجع ج ١٢ ص ٤٧.