للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: السِّجِّيلُ وَالسِّجِّينُ الشَّدِيدُ مِنَ الْحَجَرِ وَالضَّرْبِ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً «١» ... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا

(مَنْضُودٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُتَتَابِعٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: نُضِدَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: نُضِدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى صَارَ جَسَدًا وَاحِدًا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَصْفُوفٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَرْصُوصٌ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. يُقَالُ: نَضَدْتُ الْمَتَاعَ وَاللَّبَنَ إِذَا جَعَلْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مَنْضُودٌ وَنَضِيدٌ وَنَضَدٌ، قَالَ:

وَرَفَّعَتْهُ إِلَى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: مُعَدٌّ، أَيْ هُوَ مِمَّا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِأَعْدَائِهِ الظَّلَمَةِ. (مُسَوَّمَةً) أَيْ مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيمَا وَهِيَ الْعَلَامَةُ، أَيْ كَانَ عَلَيْهَا أَمْثَالُ الْخَوَاتِيمِ. وَقِيلَ: مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ حَجَرٍ اسْمُ مَنْ رُمِيَ بِهِ، وَكَانَتْ لَا تُشَاكِلُ حِجَارَةَ الأرض. وقال الفراء: زعموا أنها كانت بِحُمْرَةٍ وَسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ، فَذَلِكَ تَسْوِيمُهَا. وَقَالَ كَعْبٌ: كَانَتْ مُعَلَّمَةً بِبَيَاضٍ وَحُمْرَةٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ «٢»:

غُلَامٌ رَمَاهُ اللَّهُ بِالْحُسْنِ يَافِعًا ... لَهُ سِيمِيَاءُ لَا تَشُقُّ عَلَى الْبَصَرْ

وَ" مُسَوَّمَةً" مِنْ نَعْتِ حِجَارَةٍ. وَ" مَنْضُودٍ" مِنْ نَعْتِ" سِجِّيلٍ". وَفِي قَوْلِهِ: (عِنْدَ رَبِّكَ) " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حِجَارَةِ الْأَرْضِ، قَالَهُ الْحَسَنُ. (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) يَعْنِي قَوْمَ لُوطٍ، أَيْ لَمْ تَكُنْ تُخْطِئُهُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُرْهِبُ قُرَيْشًا، الْمَعْنَى: مَا الْحِجَارَةُ مِنْ ظَالِمِي قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ بِبَعِيدٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: يَعْنِي ظَالِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَاللَّهِ مَا أَجَارَ اللَّهُ مِنْهَا ظَالِمًا بَعْدُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي قَوْمٌ يَكْتَفِي رِجَالُهُمْ بِالرِّجَالِ وَنِسَاؤُهُمْ بِالنِّسَاءِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَارْتَقِبُوا عَذَابَ قَوْمِ لُوطٍ أَنْ يُرْسِلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ" ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ".


(١). وروى في اللسان: (يضربون البيض عن عرض).
(٢). البيت لأسيد بن عنقاء الفزاري يمدح عميلة حين قاسمه ماله، وبعده:
كأن الثريا علقت فوق نحره ... وفي جيده الشعرى وفي وجهه القمر
وقوله: (له سيماء لا تشق على البصر) أي يفرح به من يراه.