للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١) قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣)

وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) أَيْ وَأَرْسَلْنَا إِلَى مَدْيَنَ، وَمَدْيَنُ هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ. وَفِي تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُمْ بَنُو مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَقِيلَ: مَدْيَنُ وَالْمُرَادُ بَنُو مَدْيَنَ. كَمَا يُقَالُ مُضَرُ وَالْمُرَادُ بَنُو مُضَرَ. الثَّانِي- أَنَّهُ اسْمُ مَدِينَتِهِمْ، فَنُسِبُوا إِلَيْهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: لَا يَنْصَرِفُ مَدْيَنُ لِأَنَّهُ اسْمُ مَدِينَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْأَعْرَافِ" «١» هَذَا الْمَعْنَى وَزِيَادَةٌ. (قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) تَقَدَّمَ. (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) كَانُوا مَعَ كُفْرِهِمْ أَهْلَ بَخْسٍ وَتَطْفِيفٍ، كَانُوا إِذَا جَاءَهُمُ الْبَائِعُ بِالطَّعَامِ أَخَذُوا بِكَيْلٍ زَائِدٍ، وَاسْتَوْفَوْا بِغَايَةِ مَا يَقْدِرُونَ [عَلَيْهِ «٢»] وَظَلَمُوا، وَإِنْ جَاءَهُمْ مشتر للطعام باعوه بكيل ناقص، وشححوا لَهُ بِغَايَةِ مَا يَقْدِرُونَ، فَأُمِرُوا بِالْإِيمَانِ إِقْلَاعًا عَنِ الشِّرْكِ، وَبِالْوَفَاءِ نَهْيًا عَنِ التَّطْفِيفِ. (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) أَيْ فِي سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ، وَكَثْرَةٍ مِنَ النِّعَمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ سِعْرُهُمْ رَخِيصًا. (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) وَصَفَ الْيَوْمَ بِالْإِحَاطَةِ، وَأَرَادَ وَصْفَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْإِحَاطَةِ بِهِمْ، فَإِنَّ يَوْمَ الْعَذَابِ إِذَا أَحَاطَ بِهِمْ فَقَدْ أَحَاطَ الْعَذَابُ بِهِمْ، وَهُوَ كَقَوْلِكَ: يَوْمٌ شَدِيدٌ، أَيْ شَدِيدٌ حَرُّهُ. وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ، فَقِيلَ: هُوَ عَذَابُ النَّارِ فِي الآخرة.


(١). راجع ج ٧ ص ٢٥٧.
(٢). من ع. [ ..... ]