للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمُقَاتِلٌ: اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرٍ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ دِرْهَمَيْنِ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَمَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ أولى. و" بَخْسٍ" من نعت" بِثَمَنٍ". (دَراهِمَ) عَلَى الْبَدَلِ وَالتَّفْسِيرُ لَهُ. وَيُقَالُ: دَرَاهِيمُ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ دِرْهَامٍ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْجَمْعِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَيَكُونُ أَيْضًا عِنْدَهُ عَلَى أَنَّهُ مَدَّ الْكَسْرَةَ فَصَارَتْ يَاءً، وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ مَدِّ الْمَقْصُورِ، لِأَنَّ مَدَّ الْمَقْصُورِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فِي شِعْرٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَأَنْشَدَ النَّحْوِيُّونَ:

تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ ... نَفْيَ الدَّرَاهِيمِ تَنْقَادُ الصَّيَارِيفِ «١»

(مَعْدُودَةٍ) نَعْتٌ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَثْمَانَ كَانَتْ تَجْرِي عِنْدَهُمْ عَدًّا لَا وَزْنًا بِوَزْنٍ «٢». وَقِيلَ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قِلَّةِ الثَّمَنِ، لِأَنَّهَا دَرَاهِمُ لَمْ تَبْلُغْ أَنْ تُوزَنَ لِقِلَّتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَزِنُونَ مَا [كَانَ «٣»] دُونَ الْأُوقِيَّةِ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. الثَّانِيَةُ- قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَصْلُ النَّقْدَيْنِ الْوَزْنُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى". وَالزِّنَةُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إِلَّا الْمِقْدَارُ، فَأَمَّا عَيْنُهَا فَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، وَلَكِنْ جَرَى فِيهَا الْعَدُّ «٤» تَخْفِيفًا عَنِ الْخَلْقِ لِكَثْرَةِ الْمُعَامَلَةِ، فَيَشُقُّ الْوَزْنُ، حَتَّى لَوْ ضَرَبَ مَثَاقِيلَ أَوْ دَرَاهِمَ لَجَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ عَدًّا «٥» إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا نُقْصَانٌ وَلَا رُجْحَانٌ، فَإِنْ نَقَصَتْ عَادَ الْأَمْرُ إِلَى الْوَزْنِ، وَلِأَجْلٍ ذَلِكَ كَانَ كَسْرُهَا أَوْ قَرْضُهَا مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ. الثَّالِثَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ هَلْ تَتَعَيَّنُ أَمْ لَا؟ وَقَدْ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ: فَذَهَبَ أَشْهَبُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ، وَحُكِيَ عَنِ الْكَرْخِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّا إِذَا قُلْنَا لَا تَتَعَيَّنُ فَإِذَا قَالَ: بِعْتُكَ، هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِهَذِهِ


(١). البيت للفرزدق، وصف ناقة سريعة السير في الهواجر، قشبه خروج الحصى من تحت مناسمها بارتفاع الدراهم عن الأصابع إذا نقدت.
(٢). في ع وى: يوزن.
(٣). من ع وك وى.
(٤). في ع وك وووى: العدد.
(٥). في ع وك وووى: العدد.