يا مُوسى
، وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:" كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ «١» " هَذَا عِنْدَ حُضُورِ الطعام وأشباه هذا. وو من حُرْمَتِهِ أَلَّا يُقَالَ: سُورَةُ كَذَا، كَقَوْلِكَ: سُورَةُ النحل وسورة البقرة والنساء، وَلَكِنْ يُقَالُ: السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا. قُلْتُ: هَذَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الْآيَتَانِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ" خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. و. من حُرْمَتِهِ أَلَّا يُتْلَى مَنْكُوسًا كَفِعْلِ مُعَلِّمِي الصِّبْيَانِ، يَلْتَمِسُ أَحَدُهُمْ بِذَلِكَ أَنْ يُرِىَ الْحِذْقَ مِنْ نَفْسِهِ وَالْمَهَارَةَ، فَإِنَّ تِلْكَ مُخَالَفَةٌ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يُقَعِّرَ فِي قِرَاءَتِهِ كَفِعْلِ هَؤُلَاءِ الْهَمْزِيِّينَ الْمُبْتَدِعِينَ الْمُتَنَطِّعِينَ فِي إِبْرَازِ الْكَلَامِ مِنْ تِلْكَ الْأَفْوَاهِ الْمُنْتِنَةِ تَكَلُّفًا، فَإِنَّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ أَلْقَاهُ إِلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَقَبِلُوهُ عَنْهُ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يقرأه بألحان الغناء لحون أَهْلِ الْفِسْقِ، وَلَا بِتَرْجِيعِ النَّصَارَى وَلَا نَوْحِ الرَّهْبَانِيَّةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ زَيْغٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَنْ يُجِلَّلَ تَخْطِيطَهُ إِذَا خَطَّهُ. وَعَنْ أَبِي حُكَيْمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ بِالْكُوفَةِ، فَمَرَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَنَظَرَ إِلَى كِتَابَتِهِ فَقَالَ لَهُ: أَجِلَّ قَلَمَكَ، فَأَخَذْتُ الْقَلَمَ فَقَطَطْتُهُ مِنْ طَرَفِهِ قَطًّا، ثُمَّ كَتَبْتُ وعلي رضى الله قَائِمٌ يَنْظُرُ إِلَى كِتَابَتِي، فَقَالَ: هَكَذَا، نَوِّرْهُ كَمَا نَوَّرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يَجْهَرَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ فَيُفْسِدَ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَغِّضَ إِلَيْهِ مَا يَسْمَعُ وَيَكُونَ كَهَيْئَةِ الْمُغَالَبَةِ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يُمَارِيَ وَلَا يُجَادِلَ فِيهِ فِي الْقِرَاءَاتِ، وَلَا يَقُولَ لِصَاحِبِهِ: لَيْسَ هَكَذَا هُوَ، وَلَعَلَّهُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ صَحِيحَةً جَائِزَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَكُونَ قَدْ جَحَدَ كِتَابَ اللَّهِ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يَقْرَأَ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا فِي مَوَاطِنِ اللَّغَطِ وَاللَّغْوِ وَمَجْمَعِ السُّفَهَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ عِبَادَ الرَّحْمَنِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً، هَذَا لِمُرُورِهِ بِنَفْسِهِ، فَكَيْفَ إِذَا مَرَّ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ تِلَاوَةً بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ أَهْلِ اللَّغْوِ وَمَجْمَعِ السُّفَهَاءِ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يَتَوَسَّدَ الْمُصْحَفَ وَلَا
يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْمِي بِهِ إِلَى صَاحِبِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَهُ. وَمِنْ حُرْمَتِهِ أَلَّا يُصَغِّرَ الْمُصْحَفَ، رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَا يُصَغَّرُ الْمُصْحَفُ. قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه رأى مصحفا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ كَتَبَهُ؟ قَالَ: أَنَا، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: عَظِّمُوا الْقُرْآنَ. وَرُوِيَ عن رسول
(١). آية ٢٤ سورة الحاقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute