للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ) وَيُقَالُ:" نُسْوَةٌ" بِضَمِّ النُّونِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْأَعْمَشِ وَالْمُفَضَّلِ وَالسُّلَمِيِّ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ نِسَاءٌ. وَيَجُوزُ: وَقَالَتْ نِسْوَةٌ، وَقَالَ نِسْوَةٌ، مِثْلُ قَالَتِ الْأَعْرَابُ وَقَالَ الْأَعْرَابُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِصَّةَ انْتَشَرَتْ فِي أَهْلِ مِصْرَ فَتَحَدَّثَ النِّسَاءُ. قِيلَ: امْرَأَةُ سَاقِي الْعَزِيزِ، وَامْرَأَةُ خَبَّازِهِ، وَامْرَأَةُ صَاحِبِ دَوَابِّهِ، وَامْرَأَةُ صَاحِبِ سِجْنِهِ. وَقِيلَ: امْرَأَةُ الْحَاجِبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. (تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) الْفَتَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الشَّابُّ، وَالْمَرْأَةُ فَتَاةٌ. (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) قِيلَ: شَغَفَهَا غَلَبَهَا. وَقِيلَ: دَخَلَ حُبُّهُ فِي شِغَافِهَا، عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ تَحْتَ شِغَافِهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: الشَّغَفُ بَاطِنُ الْقَلْبِ. السُّدِّيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ «١»: شِغَافُ الْقَلْبِ غِلَافُهُ، وَهُوَ جِلْدَةٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: هُوَ وَسَطُ الْقَلْبِ، وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ مُتَقَارِبٌ، وَالْمَعْنَى: وَصَلَ حُبُّهُ إِلَى شِغَافِهَا فَغَلَبَ عَلَيْهِ، قَالَ النَّابِغَةُ:

وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُونَ ذَلِكَ دَاخِلٌ ... دُخُولَ الشِّغَافِ تَبْتَغِيهِ الْأَصَابِعُ «٢»

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الشِّغَافَ دَاءٌ، وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ لِلرَّاجِزِ:

يَتْبَعُهَا وَهِيَ لَهُ شَغَافٌ

وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْحَسَنُ" شَعَفَهَا" بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مَعْنَاهُ أَحْرَقَ حُبُّهُ قَلْبَهَا، قَالَ: وَعَلَى الْأَوَّلِ الْعَمَلُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَشَعَفَهُ الْحُبُّ أَحْرَقَ قَلْبَهُ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَمْرَضَهُ. وَقَدْ شُعِفَ بِكَذَا فَهُوَ مَشْعُوفٌ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ" قَدْ شَعَفَهَا" قَالَ: بَطَنَهَا حُبًّا. قَالَ النَّحَّاسُ: مَعْنَاهُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ قَدْ ذَهَبَ بِهَا كل مذهب،


(١). في ع وك وى: أبو عبيدة.
(٢). يعنى أصابع المطببين، يقول: قد حال عن البكاء على الديار هم دخل في الفؤاد، حتى أصابه منه داء.