وَنِصْفٍ. وَرَوَى مُقَاتِلٌ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَوْ أَنَّ يُوسُفُ قَالَ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُلِّكَ فِي وَقْتِهِ". ثُمَّ مَاتَ إِطْفِيرُ فَزَوَّجَهُ الْوَلِيدُ بِزَوْجَةِ إِطْفِيرَ رَاعِيلَ، فَدَخَلَ بِهَا يُوسُفُ فَوَجَدَهَا عَذْرَاءَ، وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدَيْنِ: إِفْرَاثِيمَ ومنشا، ابْنَيْ يُوسُفَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا زَلِيخَاءُ قَالَ: لَمْ يَتَزَوَّجْهَا يُوسُفُ، وَأَنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ فِي مَوْكِبِهِ بَكَتْ، ثُمَّ قَالَتِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمُلُوكَ عَبِيدًا بِالْمَعْصِيَةِ، وَالْحَمْدِ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْعَبِيدَ بِالطَّاعَةِ مُلُوكًا، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَكَانَتْ مِنْ عِيَالِهِ حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ وَهْبٍ، وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا فَوَّضَ الْمَلِكُ أَمْرَ مِصْرَ إِلَى يُوسُفَ تَلَطَّفَ بِالنَّاسِ، وَجَعَلَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى آمَنُوا بِهِ، وَأَقَامَ فِيهِمُ الْعَدْلَ، فَأَحَبَّهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، قَالَ وَهْبٌ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ: ثُمَّ دَخَلَتِ السُّنُونَ الْمُخْصِبَةُ، فَأَمَرَ يُوسُفُ بِإِصْلَاحِ الْمَزَارِعِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَوَسَّعُوا فِي الزِّرَاعَةِ، فَلَمَّا أَدْرَكَتِ الْغَلَّةُ أَمَرَ بِهَا فَجُمِعَتْ، ثُمَّ بَنَى لَهَا الْأَهْرَاءَ، فَجُمِعَتْ فِيهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ غَلَّةٌ ضَاقَتْ عَنْهَا الْمَخَازِنُ لِكَثْرَتِهَا، ثُمَّ جَمَعَ عَلَيْهِ غَلَّةَ كُلِّ سَنَةٍ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا انْقَضَتِ السَّبْعُ الْمُخْصِبَةُ وَجَاءَتِ السُّنُونَ الْمُجْدِبَةُ نَزَلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ: يَا أَهْلَ مِصْرَ جُوعُوا، فَإِنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْكُمُ الْجُوعَ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحِكْمَةِ: لِلْجُوعِ وَالْقَحْطِ عَلَامَتَانِ: إِحْدَاهُمَا- أَنَّ النَّفْسَ تُحِبُّ الطَّعَامَ أَكْثَرُ مِنَ الْعَادَةِ، وَيُسْرِعُ إِلَيْهَا الْجُوعُ خِلَافَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَتَأْخُذُ مِنَ الطَّعَامِ فَوْقَ الْكِفَايَةِ. وَالثَّانِيَةُ- أَنْ يُفْقَدَ الطَّعَامُ فَلَا يُوجَدُ رَأْسًا وَيَعِزُّ إِلَى الْغَايَةِ، فَاجْتَمَعَتْ هَاتَانِ الْعَلَامَتَانِ فِي عَهْدِ يُوسُفَ، فَانْتَبَهَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يُنَادُونَ الْجُوعَ الْجُوعَ!! وَيَأْكُلُونَ وَلَا يَشْبَعُونَ، وَانْتَبَهَ الْمَلِكُ، يُنَادِي الْجُوعَ الْجُوعَ!! قَالَ: فَدَعَا لَهُ يُوسُفُ فَأَبْرَأَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَنَادَى يُوسُفُ فِي أَرْضِ مِصْرَ كُلِّهَا، مَعَاشِرَ النَّاسِ! لَا يَزْرَعُ أَحَدٌ زرعا فيضيع الذر ولا يطلع شي. وَجَاءَتْ تِلْكَ السُّنُونَ بِهَوْلٍ عَظِيمٍ لَا يُوصَفُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ ابْتِدَاءُ الْقَحْطِ بَيْنَا الْمَلِكُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَصَابَهُ الْجُوعُ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ، فَهَتَفَ الْمَلِكُ يَا يُوسُفُ! الْجُوعَ الْجُوعَ!! فَقَالَ يُوسُفُ: هَذَا أَوَانُ الْقَحْطِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ أَوَّلُ سَنَةٍ مِنْ سِنِي الْقَحْطِ هلك فيها كل شي أَعَدُّوهُ فِي السِّنِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute