من" إِيَّاكَ نَعْبُدُ" [الفاتحة: ٥] وَيَضُمَّ التَّاءَ فِي" أَنْعَمْتَ" وَمِنْهُمْ مَنْ رَاعَى تَفْرِيقَ الطَّاءِ مِنَ الضَّادِ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا لَا تَصِحَّ إِمَامَتُهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا يَخْتَلِفُ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا كَانَ جَاهِلًا بِالْقِرَاءَةِ وَأَمَّ مِثْلَهُ وَلَا يَجُوزُ الإتمام بِامْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا أُمِّيٍّ وَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ إِمَامًا بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ إِلَّا الْأُمِّيَّ لِمِثْلِهِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَا تَصِحُّ إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ مَعَ حُضُورِ الْقَارِئِ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ. فَإِنْ أَمَّ أُمِّيًّا مِثْلَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا صَلَّى الْأُمِّيُّ بِقَوْمٍ يَقْرَءُونَ وَبِقَوْمٍ أُمِّيِّينَ فَصَلَاتُهُمْ كُلُّهُمْ فَاسِدَةٌ. وخالقه أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ تَامَّةٌ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ صَلَاتَهُمْ كُلُّهُمْ جَائِزَةٌ لِأَنَّ كُلًّا مُؤَدٍّ فَرْضَهُ وَذَلِكَ مِثْلُ الْمُتَيَمِّمِ يُصَلِّي بِالْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ وَالْمُصَلِّي قَاعِدًا يُصَلِّي بِقَوْمٍ قِيَامٍ صَلَاتُهُمْ مُجْزِئَةٌ فِي قَوْلِ مَنْ خَالَفَنَا لان كلا مؤد فرضي نفسه. قلت: وقد يحتج لهذا القول بقول عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَلَا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي [إِذَا صَلَّى [«١»] كَيْفَ يُصَلِّي فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ لَيْسَتْ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يقول إذا كانت امرأته تقرأ كبر هي وَتَقْرَأُ هِيَ فَإِذَا فَرَغَتْ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَهِيَ خَلْفَهُ تُصَلِّي وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ قَتَادَةَ. الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ وَلَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْأَشَلِّ وَالْأَقْطَعِ وَالْخَصِيِّ وَالْعَبْدِ إِذَا كَانَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَالِمًا بِالصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا أَرَى أَنْ يَؤُمَّ الْأَقْطَعُ وَالْأَشَلُّ لِأَنَّهُ مُنْتَقِصٌ عَنْ دَرَجَةِ الْكَمَالِ وَكُرِهَتْ إِمَامَتُهُ لِأَجْلِ النَّقْصِ. وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ عُضْوٌ لَا يَمْنَعُ فَقْدُهُ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ فَجَازَتِ الْإِمَامَةُ الرَّاتِبَةُ مَعَ فَقْدِهِ كَالْعَيْنِ وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ وَهُوَ أَعْمَى، (وَكَذَا الْأَعْرَجُ وَالْأَقْطَعُ وَالْأَشَلُّ وَالْخَصِيُّ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَعْمَى: (وَمَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ! وكان ابن عباس وعتبان ابن مَالِكٍ يَؤُمَّانِ وَكِلَاهُمَا أَعْمَى، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ.
(١). الزيادة عن صحيح مسلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute