للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ، وَنَزَلَتْ فِيَّ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَنَزَلَتْ فِيَّ." وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" «١» [الأحقاف: ١٠] وَنَزَلَتْ فِيَّ." قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ" الْحَدِيثَ. وَقَدْ كَتَبْنَاهُ بِكَمَالِهِ فِي كِتَابِ" التَّذْكِرَةِ". وَقَالَ فِيهِ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حُصَيْنٌ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ" وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ"؟ قَالَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ. قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ «٢» وَابْنُ سَلَامٍ مَا أَسْلَمَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ؟! ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ وَابْنُ سَلَامٍ أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ هَذِهِ السُّورَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى ابْنِ سَلَامٍ، فَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ جِبْرِيلُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانُوا يَقْرَءُونَ" وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ" وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَسَلْمَانُ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَهَؤُلَاءِ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ" وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ" وَإِنْ كَانَ فِي الرِّوَايَةِ ضَعْفٌ، وَرَوَى ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى مَحْبُوبٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ كَذَلِكَ-" وَمِنْ عِنْدِهِ" بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ وَالدَّالِ" عُلِمَ الْكِتَابُ" بِضَمِّ الْعَيْنِ وَرَفْعِ الْكِتَابِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ: قُلْتُ، لِأَبِي جَعْفَرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. وَقِيلَ: جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: أَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ عَلِيٌّ فَعَوَّلَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا لِأَنَّهُ عِنْدَهُ أَعْلَمُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ أَعْلَمُ مِنْهُ. وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا" وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ «٣»، النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَدِينَةُ عِلْمٍ وَأَصْحَابُهُ أَبْوَابُهَا، فَمِنْهُمُ الْبَابُ الْمُنْفَسِحُ، وَمِنْهُمُ الْمُتَوَسِّطُ، عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ فِي الْعُلُومِ. وَأَمَّا من قال


(١). قيل: السورة مدنية إلا" وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً" الآيتين. قاله قتادة. وفيها مدني كثير كقصة بن الطفيل وأربد. ابن عطية.
(٢). قيل: السورة مدنية إلا" وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً" الآيتين. قاله قتادة. وفيها مدني كثير كقصة بن الطفيل وأربد. ابن عطية.
(٣). في كشف الخفا بحث، قيم في هذا الحديث ج ١ ص ٢٠٣ فما بعد. وجزم ابن تيمية بأنه من وضع الشيعة. [ ..... ]