أي المدينة، قال الْأَزْهَرِيُّ. قَتَادَةُ: وَهِيَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَتَبُوكَ، وَهُوَ الْوَادِي الَّذِي فِيهِ ثَمُودُ. الطَّبَرِيُّ: هِيَ أَرْضٌ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ، وَهُمْ قَوْمُ صَالِحٍ. وَقَالَ:" الْمُرْسَلِينَ" وَهُوَ صَالِحٌ وَحْدَهُ، وَلَكِنْ مَنْ كَذَّبَ نَبِيًّا فَقَدْ كَذَّبَ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ، لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ فِي الْأُصُولِ فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ. وَقِيلَ: كَذَّبُوا صَالِحًا وَمَنْ تَبِعَهُ وَمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ رَوَى الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَهُمْ أَلَّا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا. فَقَالُوا: قَدْ عُجْنَا وَاسْتَقَيْنَا. فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهْرِيقُوا الْمَاءَ وَأَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُهْرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي تَرِدُهَا النَّاقَةُ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحِجْرِ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ زَجَرَ»
فَأَسْرَعَ. قُلْتُ: فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي بَيَّنَ الشَّارِعُ حُكْمَهَا وَأَوْضَحَ أَمْرَهَا ثَمَانِ مَسَائِلَ، اسْتَنْبَطَهَا الْعُلَمَاءُ وَاخْتَلَفَ فِي بَعْضِهَا الْفُقَهَاءُ، فَأَوَّلُهَا- كَرَاهَةُ دُخُولِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ، وَعَلَيْهَا حَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ دُخُولَ مَقَابِرِ الْكُفَّارِ، فَإِنْ دَخَلَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَالْمَقَابِرِ فَعَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الِاعْتِبَارِ وَالْخَوْفِ وَالْإِسْرَاعِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَدْخُلُوا أَرْضَ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ". مَسْأَلَةٌ: أَمَرَ النَّبِيُّ بِهَرْقِ مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِ ثَمُودَ وَإِلْقَاءِ مَا عُجِنَ وَخُبِزَ بِهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ مَاءُ سُخْطٍ، فَلَمْ يَجُزْ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِرَارًا مِنْ سخط الله. وقال" اعلفوه الإبل".
(١). أس زجر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute