للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعَذِّبُونَكُمْ بِالذَّبْحِ وَبِغَيْرِ الذَّبْحِ فَقَوْلُهُ" وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ" جِنْسٌ آخَرُ مِنَ الْعَذَابِ لَا تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْوَاوَ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ سُورَةِ" الْبَقَرَةِ" وَالْوَاوُ قَدْ تُزَادُ كَمَا قَالَ:

فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الْحَيِّ وَانْتَحَى

أَيْ قَدِ انْتَحَى وَقَالَ آخَرُ:

إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحِمِ

أَرَادَ إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ ابْنِ الْهُمَامِ لَيْثِ الْكَتِيبَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُذَبِّحُونَ) قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ وقرا ابن محيضن" يَذْبَحُونَ" بِفَتْحِ الْبَاءِ. وَالذَّبْحِ: الشَّقُّ. وَالذِّبْحُ: الْمَذْبُوحُ. وَالذُّبَاحُ: تَشَقُّقٌ فِي أُصُولِ الْأَصَابِعِ وَذَبَحْتُ الدَّنَّ بَزَلْتُهُ أَيْ كَشَفْتُهُ وَسَعْدٌ الذَّابِحٌ: أَحَدُ السُّعُودِ. وَالْمَذَابِحُ: الْمَحَارِيبُ. وَالْمَذَابِحُ: جَمْعُ مَذْبَحٍ وَهُوَ إِذَا جَاءَ السَّيْلُ فَخَدَّ فِي الْأَرْضِ فَمَا كَانَ كَالشِّبْرِ وَنَحْوِهُ سُمِّيَ مَذْبَحًا فَكَانَ فِرْعَوْنُ يَذْبَحُ الْأَطْفَالَ وَيُبْقِي الْبَنَاتَ وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِاسْمِ النِّسَاءِ بِالْمَآلِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ" يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ" يَعْنِي الرِّجَالَ وَسُمُّوا أَبْنَاءً لَمَّا كَانُوا كَذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ هَذَا الْقَائِلُ بِقَوْلِهِ" نِساءَكُمْ" وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- نَسَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْفِعْلَ إِلَى آلِ فِرْعَوْنَ وَهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِأَمْرِهِ وَسُلْطَانِهِ لِتَوَلِّيهِمْ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ وَلِيُعْلِمَ أَنَّ الْمُبَاشِرَ مَأْخُوذٌ بِفِعْلِهِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ وَيَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَمَرَهُ ظَالِمٌ بِقَتْلِ أَحَدٍ فَقَتَلَهُ الْمَأْمُورُ فَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ. قُلْتُ: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ يُقْتَلَانِ جَمِيعًا هَذَا بِأَمْرِهِ وَالْمَأْمُورُ بِمُبَاشَرَتِهِ هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي تَفْصِيلٍ لَهُمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ رَجُلًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَالْمَأْمُورُ يَعْلَمُ أَنَّهُ أُمِرَ بِقَتْلِهِ ظُلْمًا كَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْإِمَامِ الْقَوَدُ كَقَاتِلَيْنِ مَعًا وَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ ظُلْمًا كَانَ عَلَى الْإِمَامِ الْقَوَدُ وَفِي المأمور