للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُونَ: جَاءَ الزَّيْدَانِ وَرَأَيْتُ الزَّيْدَانِ وَمَرَرْتُ بِالزَّيْدَانِ، ومنه قوله تعالى:" وَلا أَدْراكُمْ بِهِ ١٠: ١٦" [يونس: ١٦] عَلَى مَا تَقَدَّمَ «١». وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ «٢» - قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنْهُ:

فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى ... مَسَاغًا لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا «٣»

وَيَقُولُونَ: كَسَرْتُ يَدَاهُ وَرَكِبْتُ عَلَاهُ، بمعنى يديه وعليه، قال شاعرهم: «٤»

تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَاهُ ضَرْبَةً ... دَعَتْهُ إِلَى هابي التراب عقيم

وَقَالَ آخَرُ: «٥»

طَارُوا عَلَاهُنَّ فَطِرْ عَلَاهَا

أَيْ عَلَيْهِنَّ وَعَلَيْهَا. وَقَالَ آخَرُ: «٦»

إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا ... قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا

أَيْ إن أبا أبيها وغايتها. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَحْسَنِ مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ، إِذْ كَانَتْ هَذِهِ اللُّغَةُ مَعْرُوفَةً، وَقَدْ حَكَاهَا مَنْ يُرْتَضَى بِعِلْمِهِ وَأَمَانَتِهِ، مِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: إِذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ فَإِنَّمَا يَعْنِينِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ الْأَخْفَشُ وَهُوَ رَئِيسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ اللُّغَةِ، وَالْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ كلهم قالوا هذا على لغة بني الحرث بْنِ كَعْبٍ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّ هَذِهِ لُغَةُ بَنِي كِنَانَةَ. الْمَهْدَوِيُّ: وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّهَا لُغَةٌ لِخَثْعَمَ. قَالَ النَّحَّاسُ وَمِنْ أَبْيَنِ مَا فِي هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ: وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا ثَنَّيْتَ الْوَاحِدَ زِدْتَ عَلَيْهِ زَائِدَتَيْنِ، الْأُولَى مِنْهُمَا حَرْفُ مَدٍّ وَلِينٍ وَهُوَ حَرْفُ الْإِعْرَابِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ حَرْفُ الْإِعْرَابِ، يُوجِبُ أَنَّ الْأَصْلَ أَلَّا يتغير، فيكون" إن هذان" جاء


(١). راجع ج ٨ ص ٣٢٠ فما بعد.
(٢). هو المتلمس كما في (اللسان).
(٣). صمم الشجاع في عضته: أي عض ونيب فلم يرسل ما عض.
(٤). هو هوبر الحارثي. والهابي من التراب ما ارتفع ودق.
(٥). قيل: هو لبعض أهل اليمن وأن قبله:
أي قلوص راكب تراها ... طاروا علاهن فطر علاها
واشدد بمثنى حقب حقواها ... ناجية وناجيا أباها
والحقو: الخاصرة. والناجية: السريعة.
(٦). نسبه الجوهري لابي النجم وأن قبله:
واها لسلمى ثم واها واها ... هي المنى لو أننا نلناها
يا ليت عيناها لنا وفاها ... بثمن نرضى به أباها إن أباها ...
إلخ. ونسبه بعضهم لرؤبة. وقيل: لبعض أهل اليمن وأن قبله:
أي قلوص راكب تراها ... طاروا علاهن ...

إلخ.