للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ فِرْعَوْنُ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَجَعَلَ كَفَّ السَّامِرِيِّ فِي فَمِ السَّامِرِيِّ، فَرَضَعَ الْعَسَلَ وَاللَّبَنَ فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ فَعَرَفَهُ مِنْ حِينِئِذٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي" الْأَعْرَافِ" «١». وَيُقَالُ: إِنَّ السَّامِرِيَّ سَمِعَ كَلَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَيْثُ عَمِلَ تِمْثَالَيْنِ مِنْ شَمْعٍ أَحَدُهُمَا ثَوْرٌ وَالْآخَرُ فَرَسٌ فَأَلْقَاهُمَا فِي النِّيلِ طَلَبَ قَبْرَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ فِي تَابُوتٍ مِنْ حَجَرٍ فِي النِّيلِ فَأَتَى بِهِ الثَّوْرُ عَلَى قَرْنِهِ، فَتَكَلَّمَ السَّامِرِيُّ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ مُوسَى، وَأَلْقَى الْقَبْضَةَ فِي جَوْفِ الْعِجْلِ فَخَارَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَخَلَفٌ:" بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا" بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ. الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ. وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ" فَقَبَصْتُ قَبْصَةً" بِصَادٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ ضَمُّ الْقَافِ من" قَبْضَةً ٢٠: ٩٦" والصاد غير معجمة. الباقون: (قبضت قَبْضَةً) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَبْضَ بِجَمِيعِ الْكَفِّ، وَالْقَبْصُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، وَنَحْوُهُمَا الْخَضْمُ وَالْقَضْمُ، وَالْقُبْضَةُ بِضَمِّ الْقَافِ الْقَدْرُ الْمَقْبُوضُ، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ" قُبْصَةً" بِضَمِّ الْقَافِ وَالصَّادُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ" الْقُبْضَةَ" بِضَمِّ الْقَافِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ من شي، يُقَالُ: أَعْطَاهُ قُبْضَةً مِنْ سَوِيقٍ أَوْ تَمْرٍ أَيْ كَفًّا مِنْهُ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْفَتْحِ. قَالَ: والقبض بِكَسْرِ الْقَافِ وَالصَّادِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ الْكُمَيْتُ:

لَكُمْ مَسْجِدَا اللَّهِ الْمَزُورَانِ وَالْحَصَى ... لَكُمْ قِبْصُهُ مِنْ بَيْنَ أَثْرَى وَأَقْتَرَى «٢»

(فَنَبَذْتُها) ٢٠: ٩٦ أَيْ طَرَحْتُهَا فِي الْعِجْلِ. (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) ٢٠: ٩٦ أَيْ زَيَّنَتْهُ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَتْنِي نَفْسِي. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ فَاذْهَبْ) ٢٠: ٩٧ أَيْ قَالَ لَهُ مُوسَى فَاذْهَبْ أَيْ مِنْ بَيْنِنَا (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِساسَ) ٢٠: ٩٧ أَيْ لَا أُمَسُّ وَلَا أَمَسُّ طُولَ الْحَيَاةِ. فَنَفَاهُ مُوسَى عَنْ قَوْمِهِ وَأَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا يُخَالِطُوهُ وَلَا يَقْرَبُوهُ وَلَا يُكَلِّمُوهُ عُقُوبَةً لَهُ. [والله أعلم «٣»] قَالَ الشَّاعِرُ:

تَمِيمٌ كَرَهْطِ السَّامِرِيِّ وَقَوْلُهُ ... أَلَا لا يريد السامري مساسا


(١). راجع ج ٧ ص ٢٧٤.
(٢). أي من بين مثر ومقل. [ ..... ]
(٣). من ك.