للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَالَ أَصْبَغُ: النَّحْلُ وَالْحَمَامُ وَالْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ كَالْمَاشِيَةِ، لَا يُمْنَعُ صَاحِبُهَا مِنَ اتِّخَاذِهَا وَإِنْ [ضَرِيَتْ «١»]، وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ حِفْظُ زُرُوعِهِمْ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا يلتفت إليها. من أراد أن يتخذ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ مُكِّنَ مِنْهُ، وَأَمَّا انْتِفَاعُهُ بِمَا يَتَّخِذُهُ بِإِضْرَارِهِ بِأَحَدٍ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) وَهَذِهِ الضَّوَارِي عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدِينَةِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِهَا إِلَّا بَعْدَ التَّقَدُّمِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَرَى الضَّمَانَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ التَّقَدُّمِ إِذَا كَانَتْ ضَوَارِي. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ شَاةً وَقَعَتْ فِي غَزْلٍ حَائِكٍ فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: انْظُرُوهُ فَإِنَّهُ سَيَسْأَلُهُمْ لَيْلًا وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ نَهَارًا، فَفَعَلَ. ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ ضُمِّنَ وَإِنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَمْ يُضَمَّنْ، ثُمَّ قَرَأَ شُرَيْحٌ" إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ" قَالَ: وَالنَّفْشُ بِاللَّيْلِ وَالْهَمَلُ بِالنَّهَارِ. قُلْتُ: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ) الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَالْجُبَارُ الْهَدَرُ، وَالْعَجْمَاءُ الْبَهِيمَةُ، قَالَ عُلَمَاؤُنَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: (الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ) أَنَّ مَا انفردت البهيمة بإتلافه لم يكن فيه شي، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. فَلَوْ كَانَ مَعَهَا قَائِدٌ أَوْ سَائِقٌ أَوْ رَاكِبٌ فَحَمَلَهَا أَحَدُهُمْ عَلَى شي فَأَتْلَفَتْهُ لَزِمَهُ حُكْمُ الْمُتْلِفِ، فَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةً مَضْمُونَةً بِالْقِصَاصِ وَكَانَ الْحَمْلُ عَمْدًا كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، لِأَنَّ الدَّابَّةَ كَالْآلَةِ. وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَانَتْ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَفِي الْأَمْوَالِ الْغَرَامَةُ فِي مَالِ الْجَانِي. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ- وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَصَابَتْهُ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا، فَلَمْ يُضَمِّنْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ صَاحِبَهَا، وَضَمَّنَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الضَّارِيَةِ فَجُمْهُورُهُمْ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَمَالِكٌ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ يُضَمِّنُونَهُ. الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- رَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرجل جبار) قال الدارقطني: لم يروه


(١). في اوب وج وح وز وط وك: (أضرت) والتصويب من (الموطأ).