للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ مِنْ كَسَفْتُ الشَّيْءَ كَسْفًا إِذَا غَطَّيْتُهُ. (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) تهديد، أَيْ إِنَّمَا عَلَيَّ التَّبْلِيغُ وَلَيْسَ الْعَذَابُ الَّذِي سألتم وَهُوَ يُجَازِيكُمْ. (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَصَابَهُمْ حَرٌّ شَدِيدٌ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ سحَابَةً فَهَرَبُوا إِلَيْهَا لِيَسْتَظِلُّوا بِهَا، فَلَمَّا صَارُوا تَحْتَهَا صِيحَ بِهِمْ فَهَلَكُوا. وَقِيلَ: أقامها الله فوق رؤوسهم، وَأَلْهَبَهَا حَرًّا حَتَّى مَاتُوا مِنَ الرَّمْدِ. وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ يَوْمٍ فِي الدُّنْيَا عَذَابًا. وَقِيلَ: بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَمُومًا فَخَرَجُوا إِلَى الْأَيْكَةِ يَسْتَظِلُّونَ بِهَا فَأَضْرَمَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا فَاحْتَرَقُوا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَغَيْرِهِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَ عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، وأرسل عليهم هدة وحرا شديدا فأخذ بأنفاسهم، فَدَخَلُوا بُيُوتَهُمْ فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ظِلٌّ وَلَا مَاءٌ فَأَنْضَجَهُمُ الْحَرُّ، فَخَرَجُوا هَرَبًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَحَابَةً فَأَظَلَّتْهُمْ فَوَجَدُوا لَهَا بَرْدًا وَرَوْحًا وَرِيحًا طَيِّبَةً، فَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فلما اجتمعوا تحت السحابة أهبها اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ نَارًا، وَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ، فَاحْتَرَقُوا كَمَا يَحْتَرِقُ الْجَرَادُ فِي الْمَقْلَى، فَصَارُوا رَمَادًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ. كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها" وَقَوْلُهُ:" فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ". وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَبَسَ عَنْهُمُ الرِّيحَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ حَتَّى أَخَذَ بِأَنْفَاسِهِمْ، وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ظِلٌّ وَلَا مَاءٌ فَكَانُوا يَدْخُلُونَ الْأَسْرَابَ، لِيَتَبَرَّدُوا فِيهَا فَيَجِدُوهَا أَشَدَّ حَرًّا مِنَ الظَّاهِرِ، فَهَرَبُوا إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَأَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ وَهِيَ الظُّلَّةُ، فَوَجَدُوا لَهَا بَرْدًا وَنَسِيمًا، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا فَاحْتَرَقُوا. وَقَالَ يَزِيدُ الْجُرَيْرِيُّ: سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ ثُمَّ رُفِعَ لَهُمْ جَبَلٌ مِنْ بَعِيدٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَإِذَا تَحْتَهُ أَنْهَارٌ وَعُيُونٌ وَشَجَرٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ، فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ تَحْتَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلُ وَهُوَ الظُّلَّةُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْبًا إِلَى أُمَّتَيْنِ: أَصْحَابِ مَدْيَنَ وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ فَأَهْلَكَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ بِالظُّلَّةِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ مَدْيَنَ فَصَاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ صَيْحَةً فَهَلَكُوا أَجْمَعِينَ. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) قِيلَ: آمن بشعيب من الفئتين تسعمائة نفر.