للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ حَكِيمًا، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ" فَأَمَّا مَا تَضَمَّنَ ذِكْرَ اللَّهِ وَحَمْدَهُ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْمَنَّانِ ... صَارَ الثَّرِيدُ فِي رُءُوسِ الْعِيدَانِ «١»

أَوْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَدْحِهُ كَقَوْلِ الْعَبَّاسِ:

مِنْ قبلها طبت في الظلال وفى مستودع ... حَيْثُ يَخْصِفُ الْوَرَقُ

ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بشر أنت ... وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ

بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السفين وقد الجم ... نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ

تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ «٢»

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ". أَوِ الذَّبِّ عَنْهُ كَقَوْلِ حَسَّانَ:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

وَهِيَ أَبْيَاتٌ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَهِيَ فِي السِّيَرِ أَتَمُّ. أَوِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، كَمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، خَرَجَ عُمَرُ لَيْلَةً يَحْرُسُ فَرَأَى مِصْبَاحًا فِي بَيْتٍ، وَإِذَا عَجُوزٌ تَنْفُشُ صُوفًا وَتَقُولُ:

عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَاةُ الْأَبْرَارْ ... صَلَّى عَلَيْهِ الطَّيِّبُونَ الْأَخْيَارْ

قَدْ كُنْتَ قَوَّامًا بُكًا بِالْأَسْحَارْ ... يَا لَيْتَ شِعْرِي وَالْمَنَايَا أَطْوَارْ

هَلْ يَجْمَعَنِّي وَحَبِيبِي الدَّارْ يَعْنِي النَّبِيَّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ عُمَرُ يَبْكِي. وَكَذَلِكَ ذِكْرُ أَصْحَابِهِ وَمَدَحُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَيْثُ قَالَ:

إِنِّي رَضِيتُ عَلِيًّا لِلْهُدَى عَلَمًا ... كَمَا رَضِيْتُ عَتِيقًا صَاحِبَ الْغَارِ

وَقَدْ رَضِيْتُ أَبَا حَفْصٍ وَشِيعَتَهُ ... وَمَا رَضِيْتُ بِقَتْلِ الشَّيْخِ فِي الدَّارِ

كُلُّ الصَّحَابَةِ عِنْدِي قُدْوَةٌ عَلَمٌ ... فَهَلْ عَلَيَّ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ عَارِ

إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أُحِبُّهُمْ ... إِلَّا مِنْ أجلك فأعتقني من النار


(١). كذا في الأصول.
(٢). طبق: قرن. أراد إذا مضى قرن ظهر قرن آخر.