للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ". وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى" وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ" الْآيَةَ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ" وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ" وَكُلٌّ حَسَنٌ. ثُمَّ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ من صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ فِي الْقُرْآنِ، يَقُولُ:" إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لْيَقُلْ اللَّهُمَّ إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدوتك وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمَ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ" قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَمْرًا قَالَ:" اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي" وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قال له" يَا أَنَسُ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْظُرْ إِلَى مَا يَسْبِقُ قَلْبُكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ". قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْرِغَ قَلْبَهُ مِنْ جَمِيعِ الْخَوَاطِرِ حَتَّى لَا يَكُونَ مَائِلًا إِلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَا يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِهِ يَعْمَلُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِنْ عَزَمَ عَلَى سَفَرٍ فَيَتَوَخَّى بِسَفَرِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ نزه نفسه سبحانه بقوله الحق، فَقَالَ:" سُبْحانَ اللَّهِ" أَيْ تَنْزِيهًا. (وَتَعالى) أَيْ تَقَدَّسَ وَتَمَجَّدَ (عَمَّا يُشْرِكُونَ). وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تكن صدور هم وَمَا يُعْلِنُونَ) يُظْهِرُونَ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ:" تُكِنُّ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْكَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي" النَّمْلِ". تَمَدَّحَ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ عَالِمُ الغيب والشهادة لا يخفى عليه شي (هُوَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تقدم معناه، وأنه المنفرد بالوحدانية، إن جَمِيعَ الْمَحَامِدِ إِنَّمَا تَجِبُ لَهُ وَأَنْ لَا حكم إلا له وإليه المصير.